وإن أخطأ في الأول فألحقه بواحد منهم، أو أخطأ في الثاني فألحقه بغير أبيه منهم، علم عالم بالقيافة، ولا يقنع، إذا أصاب مرة أن يجرب في ثانية، وثالثة، لأنه قد يجوز أن يصيب في الأولة، اتفاقًا وفي الثانية، ظنًا وفي الثالثة يقينًا، فإذا وثق بعلمه عمل على قوله، ولا يلزم أن يختبر ثانية بعد المعرفة بعلمه.
وأما علم الفقه فإن نزل به منزلة المخير لم يفتقر إلى علم الفقه وإن نزل منزلة الحاكم على ما سنذكرهن من الفرق بين حالتيه، اعتبر فيه من علم الفقه، ما اختص بلحوق الأنساب ولم يعتبر فيه العلم يجمع الفقه، لأن اعتباره في القافة متعذرًا. ولا يلزم أن يكون أصحابنا، فقال: لا يصح أن يكون إلا من بني مدلج، لاختصاصهم بعلم القيافة، طبعًا في خلقهم، وهذا لا وجه له لأن مقصود القيافة قد يجوز أن يعدم في بني مدلج، ويوجد في غير بني مدلج، وإن كان الأغلب وجوده في بني مدلج.
وأما الفصل الثاني في صفة القيافة، فالمعتبر فيها التشابه من أربعة أوجه:
أحدها: تخطيط الأعضاء وأشكال الصورة.
والثاني: في الألوان والشعور.
والثالث: في الحركات والأفعال.
والرابع: في الكلام، والصوت، والحدة، والأناة، ولئن جاز أن تختلف هذه الأربعة في الآباء والأبناء في الظاهر الجلي، فلابد أن يكون يبنهما، في الباطن تشابه خفي، ولئن لم يكن في جميعها لغلبه التشابه بالأمهات، فلابد أن يكون في بعضها لأن المولود من أبيض، وأسود، لا يكون أبيض محضًا، ولا أسود محضًا، فيكون فيه من البياض، ما يقارب الأبيض، ومن السواد ما يقارب بالسواد.
وإذا كان كذلك لم يخل حال الولد مع المتنازعين فيه من ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يكون فيه شبه من أحدهما، وليس فيه شبه من الآخر، فيلحق بمن فيه شبهه، وينفي عمن ليس فيه شبهة، وسواء كان الشبه بينهما من جميع الوجوه، أو من بعضها ظاهرًا كان أو خفيًا.
والثاني: أن لا يكون فيه شبه من كل واحد، منهما فلا يكون في القيافة بيان، ولا يجوز ان ينفي عنها، لأن نسبه موقوف عليهما، فيعدل إلى الوقف على الانتساب، على ما سنذكره.
والثالث: أن يكون فيه شبه من كل واحد منهما، فهذا على خمسة أضرب:
أحدهما: أن يتماثل الشبهان، ولا يترجح أحدهما على الآخر بشيء، فلا يكون في القيافة بيان، ويعدل إلى غيرها.
والثاني: أن يتماثل الشبه بينما في العدد، ويختلفا في الظهور، والخفاء، يكون فيه