من كل واحد منهما شبهان، وهو في أحدهما ظاهر، وفي الآخر خفي، فيلحق بمن ظهر منه الشبه دون من خفي فيه.
والثالث: أن يتماثلا في الظهور، والخفاء، ويختلفان في العدد، فيكون الشبه في أحدهما من ثلاثة أوجه، وفي الآخر من وجهين، فيلحق بمن زاد عدد الشبه فيه دون من قل.
والرابع: أن يكون الشبه في أحدهما أكثر عددًا، أو أظهر شبهًا، وهو في الآخر أقل، وأخفى، فيلحق بمن كثر فيه عدد الشبه، وظهر دون من قل، فيه وخفي، وهو أقوى من الضربين المتقدمين.
والخامس: أن يكون أحدهما في الشبه أكثر عددًا، وأخفى شبهًا، والآخر أقل عددًا وأظهر شبهًا، فيكون الشبه في أحدهما من ثلاثة أوجه خفية، وفي الآخر وجهين ظاهرين، ففي وجهان:
أحدهما: يرجع كثرة العدد على ظهور الشبه، فيلحق بمن فيه الشبه من ثلاثة أوجه، تغليبًا لزيادة التشابه.
والثاني: يرجح ظهور الشبه على كثرة العدد، فيلحق بمن فيه الشبه من وجهين ظاهرين، تغليبًا لقوة التشابه، فهذا أصل في اعتبار التشابه في القيافة، وقد يختلف فطن القافة فمنهم من تكون فطنته من أعداد التشابه أقوى، ومنهم من تكون فطنته في قوة التشابه أقوى، فيعتمد كل واحد منهم على ما في قوة فطنته، تغليبًا لقوة حسه، فإن كان القائف عازمًا بأحكام هذه الأقسام، جاز أن يكون فيها مخبرًا، وحاكمًا، وإن لم يكن عارفًا بأحكامها كان فيها مخيرًا، ولم يكن فيها حاكمًا، ليحكم بها من الحكام من يعلمها، ويجتهد رأيه فيها.
وأما الفصل الثالث: في الموجب لاستعمال القافة، فالتنازع في الولد على ضربين:
أحدهما: أن يكون من لقيط لا يعرف للمتنازعين فيه فراش، فلا يخلو حال الولد من أن يكون صغيرًا، أو كبيرًا، فإن كان كبيرًا بالغًا عاقلًا توجهت الدعوى عليه، وكان الجواب مأخوذًا منه، فإن صدق أحدهما، وكذب الآخر، لحق بالمصدق، ولا يمين عليه للمكذب، لأنه لو رجع عن إقراره لم يقبل، ولم يغرم، وإن كذبهما حلف لهما، ولم يلحق بواحد منهما، لأنه لو أقر قبل التكذيب قبل إقراره، وإن قال: أنا ابن واحد منكما ولست أعرفه بعينه، رجع إلى القافة في إلحاقة، بأحدهما فإن عدموا أخذ الولد جدًا بالانتساب إلى أحدهما غيبًا، فإن سلمه أحد المتنازعين إلى الآخر، فإن كان قبل القافة والانتساب، جاز وصار ولدًا لمن أسلم إليه، وإن كان بعد الحكم بنسبه، إما بعد القافة أو بعد الانتساب لم يجز.
وإن كان الولد صغيرًا غير مميز، أو كان بالغًا مجنونًا، استعمل فيه القافة، ولم