رسول الله صلى الله عليه وسلم "أد إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" قيل إنه ليس بثابتٍ ولو كان ثابتًا لم تكن الخيانة ما أذن بأخذه صلى الله عليه وسلم وإنما الخيانة أن آخذ له درهمًا بعد استيفائه درهمي فأخونه بدرهمٍ كما خانتي في درهمي فليس لي أن أخونه بأخذ ما ليس لي وإن خانني".
قال في الحاوي: أن يكون على مقر ومليء يقدر على أخذه منه حتى طالبه به، فلا يجوز لصاحب الدين أن يأخذه من مال الغريم بغير إذنه، وإن أخذه كان آثمًا، وعليه رده، وإن كان جنس دينه، لأن لمن عليه الدين أن يقضيه من أي أمواله شاء، ولا يتعين في بعضه، ويجري على ما أخذه حكم الغاصب، على أن يرد ما أخذه، وله أن يطالب بما وجب له، ولا يكون قصاصًا، لأن القصاص يختص بما في الذمم، دون الأعيان.
والثاني: أن لا يقدر صاحب الدين على قبض دينه، فهو ضربان:
أحدهما: أن يقدر على أخذه منه بالمحاكمة.
والثاني: أن يعجز عنه.
فإن عجز عن أخذه منه بالمحاكمة، وذلك من أحد وجهين:
إما لامتناع الغريم بالقوة، وإما لجحوده مع عدم البينة، فيجوز لصاحب الدين أن يأخذ من مال غريمه قدر دينه سرًا، بغير علمه، فإن قدر عليه من جنس حقه، لم يتجاوز إلى غيره. وإن لم يقدر عليه من جنسه، جاز أن يعدل إلى غير جنسه، سواء كان من جنس الأثمان ومن غير جنسها، وإن قدر صاحب الدين على أخذه بالمحاكمة، وعجز عنه بغير المحاكمة، وذلك لأحد وجهين إما لمطله مع الإقرار، أو الإنكار مع وجود البينة فهو على ضربين:
أحدهما: أن يقدر على أخذ دينه سرًا من جنسه، فيجوز أخذه منه بغير علمه لأنه إحواجه إلى المحاكمة عدوان من الغريم.
والثاني: أن لا يقدر على أخذه، إلا من غير جنسه ففي جوز أخذه سرًا بغير علمه وجهان:
أحدهما: يجوز تعليلًا بما ذكرناه من عدوان الغريم، وهو قول من زعم أن لصاحب الدين، أن ينفرد ببيعه من غير حاكم.
والثاني: ليس له أخذه إلا بالمحاكمة لقدرته عليه بما يزول عنه الهم، وهو قول من زعم أن صاحب الدين لا يجوز له بيعه، إلا بالحاكم فهذا شرح مذهبنا.
وقال أبو حنيفة: إن قدر على أخذ دينه إذا لم يصل إليه من غريمه، أن يأخذ من جنسه، جاز له أن يأخذ شيئًا من ماله، وكذلك لو كان دينه دراهم فوجد دنانير، أو دنانير فوجد دراهم، لأنها من جنس الأثمان، وإن تنوعت، وإن لم يقدر عليه إلا من غير جنسه في الأمتعة والعروض لم يكن له أخذه، احتجاجًا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أد