الإمام وجاز له التقدم عليه ومن هو خلفه لما لم يجز له أن يتوجه إلى غير جهة الإمام لم يجز له التقدم عليه وهذا هو الجواب إن احتج به أصحاب مالك على جواز التقدم وكذلك في الكعبة لو استقبل أحدهما صاحبه على هذا الوجه يجوز وذكر بعض أصحابنا بخراسان أنه إذا تقدم المأموم على الإمام [٣٥٦ ب/٢] في الكعبة تجوز وهذا الإطلاق خطأ وإنما يجوز على ما ذكرنا.
مسألة: قال وركع أبو بكر وحده وخاف أن تفوته الركعة فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يأمره بالإعادة وهذا كما قال من دخل وقد استوت الصفوف فإن وجد فرجة وقف فيها معهم في الصف ثم آخر فإن أحرم خلفه ثم دخل الفرجة فإنه يكره ويجوز صلاته، وهكذا لو مضى على صلاته وحده ولم يدخل معهم في الصف كره وأجزأه وبه قال الحسن، وأبو حنيفة، والثوري، ومالك، والأوزاعي، وابن المبارك رحمهم الله وروي ذلك عن زيد بن ثابت. وقال أحمد، وإسحاق، وابن أبي ليلى، وداود: لا تنعقد صلاته وبه قال النخعي، والحسن بن صالح واختاره ابن المنذر واحتجوا بما روى وابصة بن معبد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى، ثم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة. وأيضاً روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل صلى خلف الصف: أنها خلف الصف هلا دخلت في الصف أو جررت رجلاً من الصف فيصلي معه أعد صلاتك. وروي أنه - صلى الله عليه وسلم -[٣٥٧ ا/٢] قال: "لا صلاة للمنفرد خلف الصف" وهذا غلط لخبر أبي بكرة وتمام الخبر ما روي أن أبا بكرة دخل المسجد فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الركوع فخاف أن تفوته الركعة فركع وحده خلف الصف ثم خطا خطوة أو اثنتين حتى اتصل بالصف فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلاته روي أنه قيل له ذلك وروي أنه علمه لأنه كان يرى في الصلاة من خلفه كما يرى من قدامه فأقبل على أبي بكرة. وقال له: يا أبا بكرة زادك الله حرصاً ولا تقرأوا اسم الصلاة فأتوها وأنتم تمشون ولا تأتوها وأنتم تسعون وعليكم السكينة والوقار وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا" ولأنه أخطأ في الوقف ولم يخرج عن حد المتابعة فأشبه إذا وقف الواحد على يسار الإمام وأما خبرهم الأول والثاني فإنا نحمله على الاستحباب وأما الثالث فلعله أساء إلى رجل بعينه كان منافقاً أو لم يتم ركوعه وسجوده فقال: لا صلاة له.
فإن قيل فقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكرة عن القعود قلنا: إنما تنهاه لأجل الكراهة أو أراد لا تعد إلى التأخر.
وقال بعض أصحاب [٣٥٧ ب/٢] أحمد إدا افتتح صلاته منفرداً خلف الإمام فلم يلحق به أحد من القوم حتى رفع الإمام رأسه من الركوع فلا صلاة له ومن تلاحق به بعد ذلك فصلاتهم كلهم فاسدة وإن كانوا مائة نفر ولو التحق بالصف أو تلاحق به القوم قبل رفع الإمام رأسه من الركوع تصح صلاتهم وكان الزهري، والأوزاعي يقولان في الرجل يركع دون الصف إن كان قريباً من الصفوف أجزأه وإن كان بعيداً لم يجزه.