لو دخل المسجد ولم يجد في الصف فرجة، يصلي خلف الصف وحده وذكر أبو حامد أنه يستحب له أن يجذب رجلاً من القوم ليقف معه خلف الصف فإن لم يفعل هذا كره وأجزأه وبه قال جماعة من أصحابنا وقالوا: لا نص فيه وذكر القاضي الطبري أن الشافعي رحمه الله نص في البويطي أنه يقف وحده ولا يجذب رجلاً وهو أصح لأن في جذبه رجلاً يحدث خللاً في الصف الأول ويحرمه فضيلة الصف الأول وليس له ذلك.
فَرْعٌ آخرُ
لو وجد في الأول فرجة فدخل رجل له أن يتقدم ويسد الفرجة وإن احتاج إلى المرور بين يدي [٣٥٨ أ/٢] آخر لأن الذي ترك الفرجة بين يديه في الصف الأول منع حق نفسه حين لم يتصل بالصف الأول.
مسألة: قال وإن صلت امرأة بين يديه أجزأته صلاته وهذا كما قال في رواية ابن خزيمة وإن صلى وبين يديه امرأة وقصد به الرد على أحمد رحمه الله حيث قال: ومرور الحائض بين يدي الرجل في الصلاة تبطل صلاته وأخذ بالخبر الذي تقدم وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها لما أخبرت بذلك قالت: "بئس ما عدلتمونا بالكلاب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على فراشي وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازة فكان إذا سجد غمز وجلي فأقبضهما وإذا رفع مددتهما" والقصد به الاحتجاج على أبي حنيفة ووجهه أن المرأة إذا لم تكن في الصلاة فإذا وتكون قائمة بخلاف ما إذا كانت في الصلاة فإذا لم تضر. صلاة الرجل في شر حاليها فلأن لا تضر صلاته في أحسن حاليها أولى.
مسألة: قال وإن صلى رجل في طرف المسجد والإمام في طرفه ولم تتصل الصفوف بينه وبين الإمام.
الفصل
وهذا كما قال إذا صلى الإمام في المسجد وصلى غيره لصلاته نظر [٣٥٨ ب/٢] فإن كان معه من جوف المسجد صحت صلاته سواء كان بينهما حائل أو لم يكن، بعدت المسافة بينهما أو قربت، اتصلت الصفوف أو لم تتصل، إذا كان له طريق إلى العلم بصلاة الإمام فإن كان سميعاً بصيراً علم بالسماع والمشاهدة لأنه يشاهد الركوع والسجود ويسمع التكبير وقول سمع الله لمن حمده منه، أو من غيره ممن يأتم به وإن كان بصيراً أصم علم بالمشاهدة وإن كان أصم ضريراً لم يجز حتى يكون إلى جنب من يسدده للركوع والسجود، فإن لم يكن أو كان ولكنه لم يثق به لم يجز أن يقتدي به ويجوز لهذا الضرير الأصم أن يكون إماماً لأنه يصلي لنفسه ولا يقتدي بغيره بل غيره يقتدي به والمساجد اللطاف المتصلة بالجامع فإن حكمها حكم المسجد الكبير فإذا وقف المأموم فالمسجد اللطيف والإمام في المسجد الكبير صحت صلاته وإن كان الباب الذي بين المسجدين مردوداً لأن الجميع بني للجماعة الواحدة ولو وقف الإمام