في أسفل المسجد والمأموم على سطح المسجد صحت صلاته لأن سطح المسجد هو من جملة المسجد [٣٥٩ أ/٢] ألا ترى أنه يجوز للجنب اللبث فيه والمستحب له أن يتأخر حتى يكون من وراء الإمام فإن حاذاه كرهنا له ذلك وأجزأه وإن تقدم حتى يصير إلى القبلة أقرب فهو على القولين ولو كان الإمام في ظهر المسجد والمأموم أسفل فإنه يجوز أيضاً وقال أبو حنيفة رحمه الله هذا يجوز ولكن إذا كان المأموم أعلا والإمام أسفل فإن كان المأموم أعلا بأقل من قامة الرجل صحت الصلاة وإن كان أكثر من ذلك لم تجز صلاته وهذا غلط لما روى أبو هريرة رضي الله عنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام في المسجد ولم يفصل ولو كان الإمام في المقصورة والمأموم في الصحن أو رحبة المسجد جاز وإن زادت المسافة بينهما على ألف ذراع مثلاً والرحبة هي البناء المبني لدخوله متصلاً به أو فنائه وهو ما يقارب بابه وجداره من حريمه ومطرح ترابه كالعادة الجارية في أفنية الدور وهكذا لو كان الإمام في بئر المسجد أو المأموم فيها والإمام خارج أو كان أحدهما على المنارة والآخر أسفل كل ذلك جائز وإن كان الإمام في المسجد والمأموم خارج المسجد في غير [٣٥٩ ب/٢] رحبة ففيه ثلاثة مسائل؛ إحداها: أن لا يكون دونه حائل بحال مثل أن لا يكون للمسجد حائل يحول دون روية من فيه من حائط وغيره لو يكون له حائط إلا أن باب المسجد بحذائه أو يمينه أو يساره مفتوح فإن كانت الصفوف متصلة صحت صلاته وإن خرجت فرسخاً أو أكثر وإن كانت الصفوف متقطعة قال الشافعي رحمه الله تصح صلاته على القرب ولا تصح من البعد وهو أن يكون منقطعاً على قدر ثلثمائة ذراع واختلف أصحابنا من أي موضع أخذ الشافعي هذا التحديد على وجهين: أحدهما: وهو قول ابن سريج وأبي إسحاق وغيرهما أنه أخذه من صلاة الخوف يوم ذات الرقاع فإنه يحني عن المصاف بقدر رميتهم وسهام العرب لا تبلغ أكثر من هذا وقيل أخذه من صلاة الخوف فإنه صلى بفرقة ركعة فانصرفت وهم في الصلاة إلى وجاه العدو وأتت الفرقة الأخرى فأحرمت من خلفه فصارت الفرقتان في مكان بين التي معه والتي تحرسه ثلثمائة ذراع وقال ابن الوكيل، وابن جبران رحمهما الله إنما أخذه [٣٦٠ أ/٢] من العرف والعادة لأنه قال ما يعرف الناس قوماً وكذلك ثلثمائة ذراع فما دونها وهذا ظاهر المذهب ثم اختلف أصحابنا أنه تحديد أو تقريب قال أبو إسحاق رحمه الله: هذا تحديد فإن جاوز ثلثمائة ذراع لم تجز صلاته قال أبو إسحاق والذي قال المزني أجاز ذلك في الإملأ بلا تأقيت مطلق محمول على ما قيده ههنا وهذا هو المذهب المشهور ذكر القاضي الطبري رحمه الله ومن أصحابنا من قال هو تقريب وليس بتحديد فإن زاد عليها قليلاً قدر ثلاثة أذرع لم يضر وهذا هو اختيار المزني رحمه الله وهو الصحيح عند مشايخ خراسان وقال القاضي أبو علي البندنيجي: نص عليه في الأم وذلك ليس بشيء وهذا لأن الشافعي قال مائتي ذراع أو ثلثمائة ذراع أو نحو ذلك وهذا ليس إلا للتقريب ولأنه اعتبر ذلك من صلاة الخوف أو العرف أو العادة وليس ذلك إلا بالتقريب وهل يعتبر هذه المسافة