للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل

وهذا كما إذا كان الإمام في الصحراء والمأموم يصلي بصلاته وبينهما مسافة يعتبر القرب والبعد على ما ذكرنا ومقدار المسافة يعتبر في أخر الصفوف والشارع والطريق بين الصفوف ليس بحائل وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة، وأحمد رحمهما الله هو حائل يمنع الائتمام وقيل أنه وجه آخر وليس بشيء لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[٣٦٢ أ/٢] أنه قال: "من كان بينه وبين الإمام طريق فليس هو مع الإمام" وهذا غلط لما روي أن أنساً رضي الله عنه كان يصلي الجمعة في بيوت حميد بن عبد الرحمن بن عوف بصلاة الإمام في المسجد وهو الوليد بن عبد الملك وبينه وبين المسجد طريق ولم ينكر منكر ولأن ما بينهما تجوز الصلاة فيه فلا يمنعها هو لأن ذلك لا يمنع الاستطراق ولا المشاهدة وأما الخبر الذي ذكروا فإنه لا أصل له في كتب أصحاب الحديث أو هو محمول على البعد أو الكراهة وأما في السفينة فقد ذكرنا جواز الصلاة فلو كان الإمام في سفينة والمأموم في أخرى فلا يخلو من ثلاثة أحوال؛ إما أن تكونا مغطاتين أو إحداهما مغطاة والأخرى مكشوفة أو كلتاهما مكشوفتين فإن كانتا مغطاتين أو إحداهما، لم تجز صلاة المأمومين لأن السفينتين هما في حكم الدارين فلا يجوز أن يكون بينهما حائل، وإن كانت مكشوفتين فإن كانت إحداهما مشدودة إلى الأخرى صحت الصلاة لأنهما كالبيت الواحد وإن كانت إحداهما منفصلة عن الأخرى ولم يكن بينهما بعد فالمذهب جواز الصلاة وإن الماء ليس بحائل وقال أبو سعيد [٣٦٢ ب/٢] الأصطخري: لا يجوز لأن بينهما ما يمنع الاستطراق وبهذا قال أبو حنيفة: وهذا غلط بخلاف المنصوص لأن الماء لا يمنع الاستطراق بسباحة على لوح ولأنه إن نصب الماء يمكن الاستطراق قيام الماء مانع منه فأشبه النار وقد سلم في النار أنها لا تمنع الائتمام وقال الإمام أبو محمد الجويني: الانقطاع ببعد المسافة، أو بنهر عظيم يجرى بينه وبين المسجد، أو بملك لغيره، لا يجوز له الوقوف فيه متى كان بينه وبين المسجد حائل يتعذر به الوصول إلى المسجد من موقفه حتى يحتاج إلى أن يتيامن أو يتياسر فيقطع قنطرة، أو يركب سفينة فذلك في العادة قطر وإلا فلا وهذا أحسن، ولكنه خلاف النص الذي ذكرنا.

فرع

لو كان هناك جسر بينه وبين الإمام فلا شك أن الماء ليس بحائل وكذلك إن كان هناك نهر وليس في النهر ماء أو كان نهر صغير بحيث يمكنه العبور إلى الجانب الآخر أو قل الماء في النهر العظيم كذلك لا يكون حائلاً ولو كان النهر في المسجد وهما في المسجد فلا نص بلا إشكال لأن المسجد جامع وقيل فيه وجهان وليس بشيء.

مسألة: قال [٣٦٣ أ/٢] وإن صلى في دار قرب المسجد.

الفصل.

وهذا كما قال إذا صلى الرجل في الدار بصلاة الإمام في المسجد فإن كان حائط الدار هو حائط المسجد فعلى ما ذكرنا من مذهب أبي إسحاق وغيره وإن كان بينهما حائل غير حائل غير حائط المسجد فإن كان لا يشاهد أحداً من المأمومين لا يجوز أن يصلي بصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>