قال: يجوز استدامة المغرب إلى الشفق، ولو أراد الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر، فأخر الظهر إلى وقت لم يبق من وقته إلا مقدار فعله وركعة من العصر جاز الجمع قياساً على ما ذكرنا، ولو أراد الجمع بين المغرب والعشاء فأخر المغرب إلى وقت لم يبق من وقته إلا مقدار فعله ففعله ليس له أن يصلي العشاء ما لم يدخل وقته وزال الجمع [٢٥ ب / ٣]؛ لأنه لو صلى العشاء الآن لم يكن جامعاً بين الصلاتين في وقت العشاء ولا في وقت المغرب، ومن شرط الجمع افتتاحهما في وقت إحداهما لا محالة، فإن كان قد بقي من وقت المغرب مقدار فعله، ومن العشاء أقل من ركعة، فيحتمل أن يقال: لا يصلي العشاء الآن؛ لأن المفعول في الوقت إذا كان أقل من ركعة، فإن الصلاة قضاء، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرك ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس فقد أدرك الصبح"، فإذا صح هذا والجمع لا يدخل في القضاء، فوجب القول بامتناع الجمع هاهنا.
قلت: وعندي أنه يجوز الجمع في هذه المسألة والتي قبلها، لأن وقت المغرب يمتد إلى طلوع الفجر الثاني عند العذر، فإن جمع بينهما لا في الوقت المعهود للمغرب ولا في وقت العشاء المعهود جاز، ومتى جاز المغرب في الجمع بعد دخول وقت العشاء فلا يجوز قبل دخول وقت العشاء أولى، وتقديم العشاء إذا جاز إلى وقت المغرب المعهود يجوز إلى ما بعده أيضا وهذا ظاهر.
فَرْعٌ آخرُ
وجل جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر، فلما قعد في التشهد في العصر تيقن أنه [٢٦ أ / ٣] ترك سجدة ولا يدري تركها من الظهر أو العصر، ينبغي أن يقال: تصرف بنية إلى الظهر، فيعيا ركعة منه، ثم يعيد العصر في وقته لا على جهة الجمع.
ووجهه: أن السجدة إن كانت متروكة من العصر فالظهر صحيح إذا امتثل ما قلناه في الحالين، ولو بنى على أن الترك من العصر فأعاد ركعة أخرى منه لم يجز لجواز أن تكون السجدة متروكة من الظهر، فلا يصح العصر، أو شرط هذا الجمع تقديم الظهر على العصر. وإنما قلنا: لا يجمع لأن السجود قد يكون متروكا من العصر، فإذا أعاد العصر الآن كان الفصل الطويل واقعاً بين الصلاتين، وشرط هذا الجمع الاتصال فلا يجوز مع فقد الشرط.
قال: وهذا الجواب كنت أقوله ثم ظهر لي الآن فساد هذا القول، وذلك أن السجدة قد تكون متروكة من الظهر فلا يصح البناء عليها مع وقوع الفصل الطويل بركعات العصر، والبناء على الصلاة من شرط الاتصال كما أنه من شرط الجمع فكما منع من