الجمع وخوف الانفصال. فكذلك البناء، بل هذا أولى؛ لأن البناء إن احتيج إليه فوقوع الانفصال بركعات [٢٦ ب / ٣] العصر متيقن لا محالة. فإن قيل: أليس إذا كان في الظهر فأدى الركعة الثانية والثالثة والرابعة، وعناه أنه في العصر، ثم تبين له في التشهد له أن يقوم ويعيد ثلاث ركعات ويبني على صلاته مع طول الفصل، فهلا جاز مثله في هذا الموضع؟.
قلنا: هناك لم يقصد الخروج من الظهر بل اعتقا وقه ع الإحرام عن العصر في الابتداء، فصارت الركعات الثلاث سهواً في الصلاة من جنسها، فلا يؤثر التطويل والقصر منه فيها، وهاهنا قصا الخروج من الظهر فلا سبيل له إلى البناء عليه مع طول الفصل، كمن سلم، ثم ذكر بعد طول الفصل أنه نسي فرضاً لا يبني، فإذا صح هذا فالجواب الصحيح أن يقال: يلزمه إعادة الصلاتين في وقتهما بلا جمع؛ لأن صلاة الظهر صحيحة في حال باطلة في حال وصلاة العصر باطلة في حال ومنقوصة في حال، فإذا لم يتعين الباطل منهما مع تيقن وجوب فرض الإعادة عليه في الجملة وجبت إعادتهما جميعاً، فإن كانت المسألة بحالها والجمع كان في وقت العصر فعليه أن يقوم ويصلي ركعة أخرى للعصر ويصح عصره وعليه إعادة الظهر [٢٧ أ / ٣] ويكون جامعاً: لأن السجود إن كان متروكا من الظهر فعصره صحيح، وإن كان من العصر فقد صح بأداء هذه الركعة، ويسوغ له أداء ركعات العصر، لا محالة، والشاك في أعداد الركعات للصلاة التي هو فيها يلزمه البناء على اليقين، وإنما لزمته إعادة الظهر، لأنه يجوز أن تكون السجدة متروكة منهء وهو قا تيقن عند وجود هذا الشك وجوب فرض ما عليه، ولا يتيقن زوال هذا الغرض إلا بإعادة الظهر مع ما فعله من البناء على العصر، فلزمه ذلك لنزول الفرض عنه بيقين.
وإنما قلنا: إنه يكون جامعاً لأن الجامع بين الصلاتين في وقت الأخيرة منهما يجوز له تقديم الصلاة الثانية، ولا يضره أيضا وتدع الفصل الطويل بين الظهر والعصر، والمسألة بحالها فعليه إعادة الظهر والعصر أيضا، ولا يجوز له البناء الذي ذكرناه؛ لأن السجدة قد تكون متروكة من الظهر فلا يمح افتتاحه للعصر، لأنه بعد في الظهر، إلى أن يقع الفصل الطويل. ألا ترى أنه لو ذكر في الحال جاز له البناء على الظهر، [٢٧ ب / ٣] فإذا كان كذلك فهو لا يتيقن سقوط الغرض الذي لزمه عند الشك إلا بإعادة الصلاتين فوجب إعادتهما، فإذا أعادهما وقت العصر كان جامعا قاضيا لما ذكرناه فيما مضى.
فَرْعٌ آخرُ
قال: رجل فاتته صلاة الظهر فأدرك الإمام في العصر في وقت العصر سعة، هل يصلي العصر خلف إمام الظهر؟ يحتمل أن يقال: يصلي العصر، ثم يقضي الظهر، ثم يستحب له إعادة العمر ولا يلزمه؛ لأن إعادة كل واحدة منهما واجبة عليه، والاتباع في فعل العصر هو أظهر، وموضوع الجماعة على اعتبار ذلك، وإنما سنت إعادة العصر للخروج من الخلاف، ولا يمكن أن يقال: يصلي الظهر خلفه للخروج من هذا