الخلاف؛ لأن هذا يعارضه خلاف آخر، وهو فعل الظهر خلف من يؤدي العصر، والقضاء خلف من يصلي الأداء. فيتعادل القولان من هذا الوجه، ووجب الأخذ بما ذكرناه، ولا ينقلب علينا هذا مما ذكرنا من السنون من جهة وقوع الخلاف في إعادة العصر مرتين؛ لأنا إنما أمرناه بإعادة العصر خوفاً من فساد الأول، ولو تحقق ذلك كانت هذه الإعادة شرعاً [٢٨ أ / ٣] لا محالة بالإجماع، ومثل هذا الإجماع لا يجده ذلك القائل فافتقروا والقولان.
فَرْعٌ آخرُ
قال: إذا نوى في الفر قبل دخول وقت الظهر الجمع بينه وبين العصر هل يكتفي بهذه النية أم يلزم تحديد النية في وقت الظهر؟ يحتمل أن يقال: لا يكتفي بها، لأن الوقت لا يصلح للظهر فلا يصلح لنية الجمع، ويحتمل أن يقال يجوز كنية الصوم يتقدمه، والأول أشبه؛ لأن هذه النية تدل على فعل الظهر في وقته المعهود والإتيان بالبال الذي هو عمل البدن لا يجوز قبل وجوب المبدل، كالتيمم قبل دخول وتته الصلاة، وهكذا لو نوى في اليوم الأول أنه يجمع في كل يوم بين الظهر والعصر في وقت العصر، هل يلزمه إعادة النية في كل يوم في وقت الظهر؟.
الأشبه أنه يلزمه ولو دخل بعليه وقت الظهر في الحضر فنوى الجمع بينه وبين العصر في وقت العصر في السفر، ثم سافر في الحال قبل خروج وقت الظهر، هل تجب إعادة النية؟ يحتمل أن يقال لا يلزم الإعادة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما لكل امرئ ما نوى"، وهذا عام ويجوز أن يقال [٢٨ ب / ٣] يلزم، لأن تلك النية وقعت في حالة لا تصلح للجمع فلا يصح فيه الجمع فيها. . .
فرع
قال: إذا جمع بين الصلاتين في وقت الأولى ثم ارتد في وقت فراغه من الأولى، ثم أسلم عن قريب، فافتتح العصر هل يبطل الجمع؟ يحتمل أن يقال: لا يبطل؛ لأن الإسلام يجب ما قبله، ويحتمل أن يقال: يبطل لأن الارتداد يقتضي بطلان الجمع ونيته، فصار كمن أبطل نية الجمع قبل دخوله في وقت العصر يبطل الجمع، وهكذا لو نوى الصوم في الليل، ثم ارتد، ثم أسلم قبل العجز، هل يلزم إعادة النية؟ يخرج على وجهين.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان يجمع في وقت الظهر، فلما شرع في العصر نسي أنه ني الصلاة، فقال: أبطلت نية الجمع بطلت صلاته، لا من جهة أن كلام السهو يبطلها، ولكن لأن هذا يقتضي بطلان نية الجمع، وهذا يقتضي بطلان العصر، أو شرط هذا الجمع البقاء على نية الجمع إلى الفراغ منه، ألا ترى أنه لو نوى إبطال نية الجمع بطلت صلاته وإن لم يتلفظ، فإذا تلفظ فالمؤثر في البطلان نيته دون قوله.