قال: إذا كان يجمع في وقت العصر فلما [٢٩ أ / ٣] شرع في الظهر وصلى ركعة نوى ترك الجمع، وأبطل نية الجمع بطلت صلاته وعليه إعادتها بنية القضاء، فإن قيل: هلا قلتم تتم صلاته؛ لأنه قد أدى ركعة منها في الوقت كمن صلى ركعة من سائر المواضع في الوقت، ثم خرج الوقت عليه إتمامها لأداء ركعة في الوقت. قلنا: الغرق هو أن نية ترك الجمع يبين لنا أن افتتاح الظهر كان في غير وقته: لأن من شرط هذا الجمع المقام على نيته إلى الفراغ من الظهر، وإنما يصير وقت العصر وقت الظهر بهذه النية، والافتتاح في غير الوقت محتاج إلى نية القضاء، فإذا لم يأت بها لم يصح الافتتاح، وهناك لا يتضح بخروج الوقت، لأن الافتتاح كان في غير الوقت فوقع الافتتاح صحيحاً فلم يبطل بخروج الوقت خصوصاً، وقد صلى في الوقت مقدار ما يقع به الإدراك.
قال: إذا كان يجمع في وقت العصر فصلى الظهر بنية الأداء، ثم أخر العصر إلى أن غربت الشمس، هل يصح ما أداه من الظهر؟ الأشبه الجواز، أن فعل العصر لو كان معتبراً في جواز الظهر لاعتبر اتصاله به، ولاعتبر تقدمه عليه [٢٩ ب / ٣]. ألا ترى أن فعل الظهر لما كان شرطاً في جواز العصر إذا كان الجمع في وقت الظهر اعتبر اتصاله به وتقدمه عليه، ويحتمل أن يقال: لا يجوز، لأنه لم يجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، وأداء الظهر في وقت العصر بغير نية القضاء إنما يصح بشرط الجمع، والشرط إذا لم يوجد لم يحصل المشروط، وهكذا لو ملى الظهر وقت العصر، ثم عزم على ترك الجمع، هل عليه إعادة الظهر بنية القضاء إذا لم يصل العصر بعد؟ يخرج على هذين الوجهين.
ولو نوى في وقت الظهر تأخيره إلى العصر ليؤديه فيه دون العمر ليس له أن يصلي الظهر في وقت العصر إلا بنية القضاء؛ لأنه لم ينو الجمع، وهذا يدل على صحة الوجه الثاني، وللقائل الآخر أن يقول: العزم في الابتداء على فعل العصر أيضاً في وقته شرط في جواز الظهر في وقت العمر بغير نية القضاء، ووجود العصر ليس بشرط، ومثله موجود في الأصول، ألا ترى أن بيع الثمار قبل صلاحها يقف على شرط القطع لا على وجود القطع كذلك هاهنا.
فَرْعٌ آخرُ
قال: إذا دخل في الظهر في وقت وأراد استدامته [٣٠ أ / ٣] إلى أن يدخل وقت العصر يحتمل أن يقال: لا يجوز في أحد الوجهين، والثاني: يجوز قياساً على استدامة المغرب إلى الشفق، فان قيل: ما الفرق بينه وبين استدامة الجمعة إلى ما بعد وقتها لا يجوز وجهاً واحداً؟ قلنا: الفرق أن خروج الوقت هناك يبطل بالصلاة عن الجمعة والفرض الجمعة في يوم الجمعة بخلاف هاهنا.