واقتدوا به، ثم أتم الأولون وانصرفوا إلى وجاه العدو. ذكره القفال.
مسألة الزحام: قال: ولو ركع مع الإمام ثم زحم فلم يقدر على السجود حتى قضى الإمام سجوده.
الفصل
وهذا كما قال: إذا أحرم الإمام فقرأ وركع ورفع، فلما سجد الإمام في هذه الركعة زحم المأموم عن السجود فلم يمكنه السجود على الأرض، وأمكنه السجود على ظهر إنسان لم يجز له تركه إلا لعذر نص عليه في "الأم". وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور.
ومن أصحابنا من قال فيه قول أخر: قاله في "القديم" هو بالخيار إن شاء سجد على ظهره، وإن شاء صبر حتى يزول الزحام، ثم يسجد على الأرض، لأنه قد تقابلت هاهنا فضيلتان فضيلة التابعة إذا سجد في الحال على ظهر إنسان، وفضيلة السجود على الأرض كاملاً فيتخير [٩٦ أ/ ٣] بين الفضيلتين، وهذا قول الحسن رحمه الله، وقال مالك رحمه الله: لا يجوز أن يسجد إلا على الأرض ويؤخره حتى يقدر عليه، وبه قال عطا، والزهري رحمهما الله لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تمكن جبهتك من الأرض" وهذا غلط، لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:"إذا اشتد الزحام فليسجد أحدكم على ظهر أخيه "، ولا يعرف له مخالف. وروي عن زياد بن جابر أن رجلاً أتى عمر رضي الله عنه فقال:"إنا نروح يوم الجمعة، فلا يدري أحدنا أين يضع جبهته؟ قال: ضع جبهتك حيث أدركت، وعلى ظهر أخيك، فإن أخاك ليس بنجس"، ولأن المريض إذا عجز عن السجود على الأرض يسجد على حسب حاله ولا يؤخر، وإن كان في التأخير فضيلة السجود على الأرض كذلك هاهنا وخبرهم محمول على حالة القدرة؛ ولأن أكثر ما فيه أن موضع سجوده هو أولى من موضع وقوفه، وهذا لا يضر كما لو كان في موضع منهبط من الأرض وسجد على دكة.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا إذا كان ظهره منخفضا بحيث يكون سجوده أخفض من ركوع القاعد حتى يشبه هذا الساجد [٩٦ ب/ ٣] الساجدين، فأما إذا كان الظهر مرتفعاً حتى يخرج هذا الساجد عن صورة الساجدين لا يجوز وهذا غير صحيح: لأنه لا يعتبر ذلك لأجل الضرورة وعليه يدل كلام الشافعي رحمه الله، فإذا تقرر هذا فإن ترك السجود على الظهر ونوى الخروج من الصلاة هل تبطل صلاته على ما سنبين، وإن لم ينو مفارقة الإمام والخروج من صلاته بطلت صلاته قولا واحداً، وإن لم يقدر على السجود بحالٍ حتى سجد الإمام وقام في الركعة الثانية ثم زالت الزحمة، فإن أدرك الإمام قائماً فإنه يشتغل بقضاء ما قاته من السجود قولاً واحداً ويجوز، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -