والقول الثاني: الذي خرجه المزني فقال: إن كان صلى بهم ركعة، ثم انفضوا صلى أخرى منفرداً، وإن لم يصل ركعة صلى أربعاً، واختار [٩٤ ب/ ٣] لنفسه هذا، وبه قال مالك رحمه الله. وقال أبو حنيفة رحمه الله مثله إلا أنه قال: يكفي أن يقيدها بسجدة واحدة، واحتجوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى"، وأيضاً في المسبوق يفرق بين أن يكون قد أدرك ركعة أو لا كذلك هاهنا. واحتج المزني بأن الشافعي رحمة الله عليه قال: لو صلى بهم ركعة ثم سبقه الحدث فانصرف ولم يستخلف من يصلي بهم أتموا لأنفسهم جمعة، فإذا جاز أن ينفردوا عن إمامهم بإتمامها إذا انصرف عنهم، جاز أن ينفرد هو بإتمامها إذا انصرفوا عنه. وأما أبو يوسف ومحمد فإنهما بنيا على أصلهما أن المسبوق إذا أدرك جزءاً من الجمعة أتمها جمعة كذلك الإمام، وأجاب أصحابنا فقالوا: أما الخبر فنحمله على المسبوق، والفرق بين المسبوق وغيره هو أن المسبوق قد أدرك ركعة من جمعة قد صحت، وتمت شرائطها فجاز أن يبني عليها، وهذه الصلاة لم تتم بشرائطها فلم يبن عليها. وأما ما ذكر المزني قلنا: إن الشافعي لم يعتبر في هذه المسألة الركعة بل جوز البناء، وان بقي وحده، وهذا هو قوله [٩٥ أ/ ٣]"القديم" ثم المأموم تبع الإمام فجاز إذا أدى معه ركعة أن يؤدي الأخرى على متابعته، والإمام لا يتبع القوم، فإذا انفض العدد قبل الفراغ لم يجز، لأنه ليس في عدد كامل ولا تبع لعدد كامل. وأما ما ذكر أبو يوسف رحمه الله: لا نسلم فحصل من هذا طريقان: إحداهما: في المسألة ثلاثة أقوال، والثانية: فيها خمسة أقاويل.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: الترتيب أن يقال بقاء الأربعين هل هو شرط؟ قولان: فإن قلنا: شرط فما تلك الجماعة ثلاثة وهي الجماعة المطلقة أو اثنان وهو أقل الجمع قولان.
فرع
لو افتتح الصلاة بأربعين سمعوا الخطبة فجاء آخرون، واقتدوا به، ثم انفض الأولون فصلاتهم جمعة جائزة، لأنهم لما اقتدوا بالإمام التحقوا بمن سمع الخطبة، فصار كما لو كانوا ثمانين فانفض أربعون.
فرع
لو انفض الذين سمعوا الخطبة قبل افتتاح الصلاة، وجاء أربعون آخرون فافتتح بهم لا تجوز الجمعة، وكذلك لو ذهب واحد من الأربعين الذين سمعوا الخطبة، وجاء عشرون مكانه فإن قيل: لو افتتح بالسامعين، ثم انفضوا ثم جاء آخرون، يعني: قدر الأربعين واقتدوا به [٩٥ ب/ ٣] هل يجوز أم لا؟ قلنا: لا يجوز، فإن قيل: قد قال الشافعي رحمه الله في صلاة الخوف بخطبة: ويصلي بطائفة ركعة من الجمعة، ثم يتمون لأنفسهم، ثم يأتي بالطائفة الثانية فيتم. قلنا: صورة ذلك أنه خطب بهم كلهم أو صورته أنهم جاؤوا،