أجزأتهم أيضاً، لأن مذهب الشافعي أن جميعهم إذا صلوا الظهر وتركوا فرض الجمعة أجزأتهم وان أساؤوا، وإنما لا يصح الظهر لمن تخلف عن جمعة قد كملت بأوصافها وهذا هو اختيار أبي حامد رحمه الل.
وذكر بعض أصحابنا بالعراق: أنه لا فرق بين أن ينفضوا في أثنا، الخطبة أو بعد الفراغ منها قبل الإحرام بالصلاة في هذه الطرق، وليس كذلك بل بينهما فصل؟ لأن الخطبة هي كالصلاة الواحدة فلا يحتمل الفصل الطويل قولاً واحداً والخطبة مع الصلاة كالصلاتين [٩٣ ب/ ٣] والعبادتين فيحتمل الفصل الطويل على وجه.
مسألة: قال: وإن انفضوا بعد إحرامه بهم ففيها قولان.
الفصل
وهذا كما قال: إذا أحرم الإمام بأربعين رجلاً فصاعداً، ثم انفضوا حتى بقي معه أقل من أربعين نص الشافعي في "الأم" على قولين:
أحدهما: لا تجزيهم الجمعة بحال، وهو الأظهر وبه قال زفر، وأحمد رحمهما الله؛ لأن العدد شرط يختص بالجمعة فإذا كان شرطاً في الابتداء وجب أن يكون شرطاً في الاستدامة.
والثاني: إن بقي معه اثنان حتى تكون صلاته صلاة جماعة تامة أجزأته، وهو قول أبي يوسف، لأنه أول الجمع المطلق وزاد في "الكبير"، فقال: لو كان أحد الاثنين عبداً أو مسافراً لم تجز جمعته. وقال في "القديم": إن بقي معه واحد جازت جمعته وبه قال الحسن البصري لأن الناس لما اختلفوا في العدد الذي تنعقد به الجمعة لم يحكم بانعقادها إلا بالعدد المتفق وهو الأربعون، ثم إذا حكمنا بانعقادها لم يجز الحكم ببطلانها حتى يبقى ما لا تنعقد به الجمعة بالاتفاق، وهو أن يبقى فحصل ثلاثة أقوال. وحكى المزني رحمه الله [٩٤ أ/ ٣) قولين آخرين في "الجامع الكبير".
أحدهما: قال سألت الشافعي عن إمام أحدث بعد أن أحرم يوم الجمعة فقال يبنون على صلاتهم ركعتين فرادى، لأنهم دخلوا منه في صلاته، قال المزني رحمه الله: فكذلك إذا انفضوا عنه وبقي وحده فإنه يجوز له أن يصلي الجمعة؛ لأنه دخل معهم في الصلاة، واختلف أصحابنا في هذا، فمنهم من خطأ المزني قال: وإنما قال الشافعي رحمه الله ذلك في "القديم " حيث لا نقول بجواز الاستخلاف فلما منع المأمومين من نصب الإمام لأنفسهم بقاءهم على حكم الجماعة وجعل لهم أن يتموا فرادى وليس كذلك الإمام إذا انفضوا عنه فليس بتابع للمأمومين، فلم يجز أن يبقيه على حكم الجماعة بعد انفضاضهم، ومن أصحابنا من صوبه فيه. وحكي هذا عن أبي يوسف ومحمد، ووجهه أن الشيء قد يكون شرطاً في الابتداء دون الاستدامة كالنية في الصلاة والشهود في النكاح.