للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من شرطه حصول العدد كتكبيرة الافتتاح. وأما الأذان فإنه يراد للإعلام والإعلام للغائبين، والخطبة من الخطاب وذلك لا يكون إلا للحاضرين، وإنما يجب أن يحضروا في الواجب منها فإذا تقرر هذا، فلو ابتدأ الخطبة بحضرة الأربعين، ثم انفضوا حتى لم يبق عنده إلا أقل من أربعين، فإن كان قبل الفراغ من الخطبة نظر، فإن أمسك عن الخطبة حتى رجعوا وكان قريباً بنى على ما مضى من الخطبة، والفصل اليسير لا يقطر الخطبة، وإن تباعد ذلك لا يجوز أن يبني على ما مضى من الخطبة، لأنها بمنزلة الصلاة الواحدةء ويلزمه أن يستأنف الخطبة ويصلي بهم الجمعة، وإن أكمل الخطبة في حال غيبتهم، أو أتى ببعض واجباتها لم يحتسب به، والمرجع في التباعد والتقارب إلى العرف والعادة كما قلنا فيمن سلم ناسياً في أثناء الصلاة.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا تطاول الفصل هل له البناء على الخطبة؟ قولان وهذا ضعيف، وإن كان ذلك بعد الفراغ من الخطبة، فإن رجعوا قريباً صلى بهم الجمعة ولا يضر ما وقع بينهما [٩٢ ب / ٣] من الفصل اليسير، وإن تباعا رجوعهم نقل المزني رحمه الله هاهنا أن الشافعي رحمه انه قال: أحببت أن يبتدئ بهم الخطبة، فإن لم يفعل صلى بهم ظهراً أربعاً.

واختلف أصحابنا فيه على ثلاثة طرق: قال ابن سريج رحمه الله: هذا غلط وقع في النقل وإنما هو أوجب أن يبتدئ الخطبةء لأن الخطبة الأولى قد بطلت، لأن من شرط الخطبة أن تقع الجمعة عقيبها وقوله: فإن لم يفعل صلى بهم ظهراً أربعاً معناه فإن لم يبتدئ، الخطبة حتى فات وقت الجمعة ملى بهم الظهر، وهذا اختيار القفال رحمه الله، وهذا لأن الوقت إذا كان يتسع للخطبة والصلاة وهو ممن يجب عليهم الجمعة والخطبة الأولى بطلت بتطاول الفصل، يجب إقامتها واستئنافها وقيل النقل صحيح. والمراد بقوله: أحببت أي أوجبت، ويعبر عن الوجوب بالاستحباب كما يعبر عن المحرم بالمكروه؛ لأن كل واجب مستحب وكل محرم مكروه. وقال صاحب "الإفصاح ": لا يجب إعادة الخطبة؛ لأن فرضها قد أقامه فلا يجوز أن يوجب مرة أخرى، لأنا لا نأمن أن يقع في القضاء مثل ما وقع في الأداء من [٩٣ أ/ ٣] الانفضاض، ولا يجوز أن يقال يصلي الجمعة بالخطبة الأولى مع تباعد الفصل بينهما فقلنا: المستحب أن يبتدئ الخطبة ويصلي الجمعة، وإن لم يفعل ذلك لم يجب عليه وصلى بهم الظهر، وهذا ظاهر كلام الشافعي رحمة الله عليه هاهنا.

وفي "الأم": وقال أبو إسحاق رحمه الله: فساد الخطبة بتطاول الفصل ليس بالبين فالمستحب أن يبتدئ الخطبة ويصلي بهم الجمعة فرضاً، فإن لم يبتدئ الخطبة، وصلى الجمعة بالخطبة الأولى أجزأتهم. وقال: وإن لم يصل الجمعة وصلى بهم الظهر

<<  <  ج: ص:  >  >>