للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واجب وبيان المجمل الواجب واجب.

وأما غلط أصحابنا على المزني أنهم ظنوا أنه أراد بالحديث الضعيف حديث محمد بن إسحاق؛ لأن محمداً كان ضعيفاً طعن فيه مالك فقالوا: الحديث صحيح، وإن كان محمد بن إسحاق ضعيفاً؛ لأن أبا داود وأحمد بن حنبل أثبتاه ونقلاه، وقد روي هذا الخبر من جهة عبد الرزاق فلم يكن ضعف محمد بن إسحاق قادماً في تضعيف صحته. وهذا غلط على المزني، فإن المزني، لم يقل ذلك هكذا [٩١ أ/ ٣].

فإذا تقرر فعندنا الجمعة لا تنعقد بأقل من أربعين على الشرائط التي ذكرناها، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ومالك وأحمد وإسحاق إلا أن عمر بن عبد العزيز اشترط أن يكون فيها والٍ، وعندنا لا يشترط ذلك والمنصوص أن الإمام أحدهم. ومن أصحابنا من قال: يعتبر أربعون سوى الإمام، وبه قال ابن أبي هريرة، وقد قال جابر رضي الله عنه: قضت السنة أن في كل ثلاثة إماماً وفي كل أربعين فما فوق ذلك جمعة وأضحى وفطرا.

وقال أبو حنيفة: تنعقد بأربعة أحدهم: الإمام لأن هذا عدد يزيد على أقل الجمع المطلق، وبه قال الثوري، ومحمد، وقال الأوزاعي وأبو يوسف: تنعقد بثلاثة أحدهم الإمام وذكر ابن أبي أحمد في "المصباح ": أنه قول الشافعي في "القديم" ولم ينقله غيره. وحكي عن الأوزاعي أنها تنعقد بثلاث إذا كان فيهم الوالي، وقال أبو ثور تنعقد باثنين؛ لأنه تنعقد بهما الجماعة، وقال ربيعة: تنعقد باثني عشر رجلاً واحتج بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى مصعب بن عمير [٩١ ب/ ٣] قبل الهجرة وكان مصعب بالمدينة فأمره "أن يصلي الجمعة بعد الزوال ركعتين وأن يخطب قبلهما" فجمع مصعب بن عمير في بيت سعد بن خيثمة باثنتي عثر رجلا، وهذا غلط لما ذكرناه. وأما خبرهم فقد قال أبو إسحاق في الشرح: إنهم كانوا أربعين فتعارضت الروايات، أو يجوز أنه كان بغير علم النبي - صلى الله عليه وسلم -. قول أبي حنيفة رحمه الله أنه يزيد على أقل الجمع المطلق لا معنى له، لأن الثلاثة والأربعة وما دونها في الجماعة سوا، لأن الاثنين يكونان، صفاً خلف الإمام كالثلاثة، وأما قول أبي ثور رحمه الله خطأ، لأن الجماعة هي شرط الجمعة، وهي مردودة من أربع إلى ركعتين بشرائطها فلا يعتبر بغيرها والله أعلم.

مسألة: قال: فإن خطب بهم وهم أربعون ثم انفضوا عنه.

الفصل

وهذا كما قال لا يجوز أن يخطب للجمعة إلا بحضرة من تنعقد بهم الجمعة، وهم أربعون رجلاً على ما بيناه والخطيب أحدهم.

وقال أبو حنيفة رحمه الله في إحدى الروايتين: يجوز أن يخطب وحده قياساً على الأذان وهذا غلط؛ لأنه ذكر هو شرط في صحة [٩٢ أ/ ٣] الجمعة فكان

<<  <  ج: ص:  >  >>