للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرع

لو كانت قرية بقرب بلد يسمع النداء من البلد وكانوا أربعين، وقد قل أهل البلل ونقصوا عن أربعين فعليهم الجمعة بأهل القرية فيلزمهم الخروج إلى القرية لإقامة الجمعة بها.

فرع

لو كان أهل البلد أقل من أربعين من أهل الجمعة، ثم أتموا أربعين أهل الجمعة، مثل أن ينزل بهم مسافرون فتموا أربعين لم يجز لهم إقامتها، وكذلك لو انجلى أهله ونزل فيهم مسافرون فكذلك لا يقيمون الجمعة بل يصلونها ظهرا أربعاً، ثم اعلم أن المزني رحمه الله نقل فقال: احتج الشافعي في اشتراط عدد الأربعين بما لا يثبته أهل الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "حين قدم المدينة جمع بأربعين رجلاً"، وهذا ليس مما اعتمد الشافعي رحمة الله عليه في هذه المسألة كما أوهم المزني، ولكن في المسألة آثار سوى ذلك، وهو ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه في خبر جواباً، قيل له: كم كنتم؟ [٩٠ أ/ ٣] قال: كنا أربعين رجلاً، واستأنس بما روي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهو من فقهاء التابعين أنه قال: كل قرية فيها أربعون رجلاً فعليهم الجمعة.

وروي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كتب إلى أهل المياه بمثل ذلك، وقيل: هذا الخبر لا يثبته أهل الحديث، ولكن ثبت عند الشافعي رحمه الله، وقيل: غلط المزني على الشافعي هاهنا وغلط أصحابنا على المزني، فأما غلط المزني قوله: واحتج الشافعي بما لا يثبته أهل الحديث، وهذا حديث ضعيف ذكره الشافعي في "الأم". ولكنه لم يحتج به، وإنما احتج بحديث محمد بن إسحاق عن محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: "كنت قائد أبي بعد ذهاب بصره، فكان إذا سمع النداء يوم الجمعة قال: رحم االله أبا أمامة أسعد بن زرارة فقلت: يا أبت إنك تترحم على أبي أمامة إذا سمعت النداء، فقال: نعم، لأنه أول من صلى بنا الجمعة في حرم البيت من جرة بني بياضة في نقيع، فقال له: نقيع الخصمات، فقلت له: كم كنتم يومئذ؟ قال: كنا أربعين رجلاً. [٩٠ ب /٣] والنقيع: هو بطن من الأرض يستنقع فيه الماء مدة، فإذا نضب الماء أنبت الكلأ وفيه حديث عمر رضي الله عنه أنه حمى النقيع بالنون، وقد تصحف بعض أصحاب الحديث فيروونه البقيع بالباء. والبقيع هو موضع القبور، وجرة بني بياضة هي على ميل من المدينة، ووجه دليل الشافعي رحمة الله عليه أنهم أخروا إقامة الجمعة إلى أن بلغوا أربعين، فإن مصعب بن عمير رضي الله عنه كان ورد المدينة بمدة طويلة، وكان في المسلمين قلة قبل أسعد بن زرارة، ولأن هذه الجمعة كانت أول جمعة ما تنزع من الجمعات، فكان جميع أوصافها معتبراً فيها؛ لأن ذلك بيان لمجمل

<<  <  ج: ص:  >  >>