الثاني: أن تكون البيوت مجتمعة على صفة متى انفصل أحد من أهلها مسافراً كان له القصر إذا فارق البناء، وقال في البويطي: لو كانت بيوتهم خياماً يستوطنونها ولا يرتحلون عنها شتاءاً، ولا صيفاً بحال فهي كالبناء سواء وعليهم الجمعة فحصل قولان:
أحدهما: لا تجب لعدم البناء.
والثاني: يجب للمقام والاستيطان.
وقال أبو ثور: الجمعة كسائر الصلوات إلا أن فيها خطبة، فمتى كان إمام وخطيب أقيمت الجمعة، وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجتمعون فلا يعيب عليهم. واحتج أبو ثور رحمه الله أن عمر رضي الله عنه كتبه إلى أبي هريرة أن جمعوا حيث كنتم، وهذا غلط؛ لأن قبائل العرب كانت حول المدينة فلم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بإقامة الجمعة ولا أقاموها، ولو كان ذلك لنقل، ولأنه لم يجمع بعرفة وقد وقف بها يوم الجمعة، ولهذا قال عمر رضي الله عنه: إن قوله تعالى: {أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣] نزل في يوم عرفة وكان يوم الجمعة، وأما خبر [٨٩ أ/ ٣] عمر رضي الله عنه محمول على البلد أو دار الإقامة. فإذا ثبت أنه لا يجب عليهم إقامة الجمعة بأنفسهم فإن كانوا يسمعون النداء من بلد أو قرية لزمهم أن يأتوها فيصلون معهم وإلا فلا.
فَرْعٌ آخرُ
الشرط في الجمعة في القرية أن تكون مجمعة الدور، فإذا تفرقت منازلهم، فإن كانت متقاربة فإنه يجب عليهم الجمعة، وحد القريب: هو أن يكون بين منزل ومنزل دون ثلاثمائة ذراع، وقيل: يعتبر بتجويز القصر عند إرادة السفر، فإن كان البعد بين المنزلين قدر إذا خرج هن منزله بقصد السفر يشترط أن يتجاوزه في استباحة القصر فهو في حد القرب، وإن كان لا يشترط أن يتجاوزه فهو خارج عن حد القرب.
فرع
لو خرج أهل المصر من المصر لا تجوز للإمام أن يصلي بهم الجمعة هناك. نص عليه في "الأم ". وقال أبو حنيفة رحمه الله: تجوز إذا كان قريباً منه نحو الموضع الذي حصل وصلى لصلاة العيد. وهذا غلط؛ لأنه موضع يجوز لأهل المصر قصر الصلاة فيه، فلم يجز لهم إقامة الجمعة [٨٩ ب / ٣] فيه كالبعيد.
فَرْعٌ آخرُ
لو خرج قوم من البلد فنزلوا بقعة استوطنوها لإنشاء قرية في بقعة يسكنوها لم يكن المكان وطناً حتى يحدثوا في البقعة بناء.