وأما قول علي - رضي الله عنه - أراد به إذا لبس الخف، لما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه مسح على الخف وقال:"لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره، ولكني رأيت رسول اله [٦٨ أ/ ١] صلى الله عليه وسلم مسح على ظاهر خفيه خطوطًا بالأصابع".
ومن رأي المسح على الخفين لا يرى مسح الرجلين. وروي الحارث عن علي - رضي الله عنه - أنه قال:"اغسلوا القدمين إلى الكعبين كما أمركم".
فإذا تقرر هذا يجب غسل الرجلين مع الكعبين خلافًا لزفر كما قال في المرفق وقد مضى الكلام عليه.
مسألة: قال: "وَالْكَعْبَانِ وَهُمَا الْعَظْمَتَانِ النَّاتِئَانِ".
الفصل
وهذا كما قال: عندنا الكعبان وهما العظمان النائتان من جانبي القدمين، وهما مجمع مفصل الساق والقدم. وقال محمد: الكعب هو موضع الشراك على ظهر القدم، وبه قالت الإمامية، ويحكى هذا عن أبي يوسف وقيل عنهم أنهم قالوا: في كل رجل كعب واحدة وهي عظم مستقر في وسط القدم، وهذا غلط؛ لأن الله تعالى قال:{إلَى الكَعْبَيْنِ}[المائدة:٦]، فلو كان في كل رجل كعب واحدة لقال إلى الكعاب كما قال:{إلَى المَرَافِقِ}[المائدة:٦]، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تراصوا بينكم في الصلاة لا يتخللكم الشيطان".
قال الراوي: ففعلنا حتى أن كعب أحدنا، تمس كعب صاحبه، وهذا إنما يكون إذا كان الكعب ما ذكرنا.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجابر بن سليم - رضي الله عنه -: "ارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين". فدل أن الكعبين أسفل الساق لا ما قالوا من ظاهر القدم.
وقال الزبيري من أصحابنا [٦٨ ب/ ١]: الكعب في لغة العرب ما قاله محمد، ولكن الشافعي عدل عنه بالشرع، ولقد أخطأ؛ لأن الكعب ما وصفه الشافعي في اللغة، حكي عن قريش كلهم، ولا يختلف لسانهم أن الكعب اسم للناتئ بين الساق والقدم، ولسانهم أولى من لسان أهل اليمن، لأن القرآن نزل بلسانهم وذلك لغة أهل اليمن،