العوالي. وأما فعل ابن الزبير فلا يجوز إلا أن يحمل على مذهب من نوى تقديم صلاة الجمعة قبل الزوال. وقد روي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما، وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه بلغه فعل ابن الزبير فقال: أصاب السنة، وقال عطاء: كل عيد حين يمتد الضحى والأضحى والفطر وقال أحمد: حين سئل: الجمعة قبل الزوال أو بعده؟ إن صليت قبل الزوال فلا أعيب. وكذا قال إسحاق، فعلى هذا يشبه أن يكون ابن الزبير صلى الركعتين على أنهما جمعة وجعل [١١١ ب / ٣] العيد في معنى التبع لها والله أعلم.
مسألة: قال: ولا أحب لمن ترك الجمعة بالعذر أن يصلي حتى يتأخر انصراف الإمام ثم يصلي جماعة.
وهذا كما قال كل من أخبرنا له ترك الجمعة من أهل الأعذار يستحب له أن يؤخر صلاة الظهر حتى يفرغ الإمام من الصلاةء أو يتحقق أنه لو قصدها الآن لا يدركها ولا ركعة منها، وإنما استحببنا له هذا رجاء أن يقدر على إتيانها، فيكون إتيانها خيراً له فيصلوا الجمعة الكاملة، ولأن الجمعة هي فرض عام، والظهر فرض خاص فاستحب تأخير الخاص عن العام، فإن صلى قبل صلاة الإمام يجوز لأنها فرضه، ثم إن حضر الجامع بعد ذلك وصلى الجمعة لا تبطل ظهره، والأولى فرضه والثانية نفل. وقال في "القديم": يحتسب الله تعالى له بأيتهما شاء، فإذا فعلها لم تتعين واحدة منهما، وهذا هو الأصح؛ لأنه لما فعل الظهر سقط عنه فرضه بذلك، ولم يجب عليه غيره فإذا فعل الجمعة كان متطوعاً بها. وأما ما ذكروه، قلنا: هذا التخيير إنما كان قبل الفعل فأما إذا فعل فقد تعين ما فعل أولا [١١٢ أ/ ٣] كالمكفر إذا كفر بأحد الأنواع تعين القبض وما يفعل بعد ذلك كان تطوعاً.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: إذا سعى إليها يبطل ظهره بمجرد السعي، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: يبطل ظهره إذا أحرم بالجمعة، وهذا غلط لأن الصلاة الصحيحة لا تبطل بالسعي إلى غيرها، والإحرام بها كسائر الصلوات.
ومن أصحابنا من قال: العذر ضربان ضرب يرجى زواله، وضرب لا يرجى زواله، فما لا يرجى زواله مثل الأنوثة والمرض الشديد، فالمستحب تقديم الظهر في أول وقتها لصاحب هذا العذر؛ لأنه لا يرجى زوال الأنوثة والمرض الشديد في ساعة وساعتين، وضرب يرجى زواله وهو على ما ذكرنا، وهذا خلاف نص الشافعي لأنه يملك بما ذكرنا. وصرح في "الأم" فقال: ولا أحب لأحد ممن له ترك الجمعة بالأعذار من الأحرار ولا من النساء والعبيد أن يصلي يوم الجمعة حتى ينصرف الإمام أو يتأخر انصرافه لما ذكرنا من العلة. فإذا تقرر هذا، فهؤلاء المعذورون لو أرادوا أن يصلوا جماعة في مسجدهم أو بيتهم لا يكره بل يستحب ذلك. وقال أبو حنيفة