للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[١١٢ ب /٣] ومالك رحمهما الله: يكره لهم ذلك، لأن زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخل من المعذورين ولم ينقل أنهم كانوا يصلون جماعة، ولو استحب ذلك أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا غلط للأخبار الواردة في فضل صلاة الجماعة، ولأن كل من كان من أهل صلاة الفرض استحب له فعلها جماعة كما في غير يوم الجمعة، وأما ما قالوا: لا يصح لأنه يحتمل أنهم كانوا يصلون الجمعة لقرب المسجد من دورهم وحرصهم على الصلاة خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا تقرر هذا فقد قال في "الأم": وأحب لهم إخفاء جماعتهم لئلا يتهموا بالرغبة عن صلاة الإمام.

قال أصحابنا: هذا فيمن كان عذره خفياً فأما إذا كان عذره ظاهراً جلياً لا يستحب له الإخفاء، لأنه لا يتهم هكذا وهو عذر السفر والرق وهذا غلط بخلاف النص، لأن الشافعي رحمه الله استحب هذا للعبيد وأهل السجن ولو زالت أعذارهم قبل أن يصلي الإمام الجمعة أو في أثناء ظهرهم لا يؤثر في صلاتهم. وحكي عن ابن سريج رحمه الله أنه قال: إن زال عذره في أثناء صلاته والجمعة [١١٣ أ/ ٣] معرضة للإدراك تبطل صلاته، كالمتيمم إذا رأى الماء في صلاته تبطل عنده.

فرع

لو كان قوم من أهل الجمعة فأتتهم الجمعة ملوا الظهر قضاء، ويستحب لهم الجماعة نص عليه في "الأم "، وعند أبي حنيفة يكره ذلك، وأما إذا صلى من لا عذر له صلاة الظهر قبل صلاة الإمام.

قال في "الجديد": عليه أن يعيدها إذا فرغ الإمام من الجمعة وبه قال مالك وأحمد وإسحاق وزفر رحمهم الله.

وقال في "القديم" أساء وأجزأه، ويجب عليه حضور الجمعة، فإذا حضرها دارأها فعند الله سعة أن يكتب له أجر أحدهما إذا كملهما. ففي المسألة قولان: وأصل هذين القولين القولان في فرض الوقت، قال في "الجديد": فرضه الجمعة يوم الجمعة لا الظهر وهو الأصح لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فعليه الجمعة يوم الجمعة" على ما ذكرناه ولأنه يأثم بتركها فكانت هي الواجبة في نفسها كسائر الصلوات. وقال في "الجديد": فرضه الظهر ويجوز إسقاطه بالجمعة، لأن الجمعة لو كانت في الأصل ما قضى الظهر عنا فواتها بل يقضي الجمعة، وبه قال أبو حنيفة ومن أصحابنا من [١١٣ ب/ ٣] قال: القولان إذا صلى الظهر في وقت لو سعى إلى الجمعة أدركها فأما إذا صلى في وقت أو أراد السعي إليها لم يدركها لبعد الطريق تجوز صلاته قولاً واحداً والصحيح خلاف هذا، لأن الشافعي نص وقال: لا تجوز إلا بعد فراغ الإمام ولم يفصل هذا التفصيل، وقال أبو حنيفة: يصح ظهره ويلزمه السعي إلى الجمعة فإذا سعى إليها بطل بالأخذ في السعي، وعند أبي يوسف ومحمد بالإحرام بها. وروي عن محمد أنه قال: إن الواجب إحدى

<<  <  ج: ص:  >  >>