قال في "الأم ": ولو دخل والإمام في آخر كلامه ولا يمكنه أن يصلي ركعتين قبل دخول الإمام في الصلاة فلا عليه أن لا يصليها؛ لأنه أمره بها عنا الإمكان، فإن لم يصل الداخل [١١٨ ب /٣] عند الإمكان كرهت له ذلك ولا إعادة عليه، وإن صلاهما وقد أقيمت الصلاة كرهت له ذلك، قال: وأرى الإمام أن يأمره بهما ويريد في كلامه بقدر ما يكملها فإن لم يفعل الإمام ذلك كرهت له ولا شيء عليه، وهذا إذا دخل في آخر الخطبة.
فرع
إذا أتى المسجد يستحب له أن يقدم رجله اليمنى ويقول: بسم الله اللهم اغفر لي، وقوّني، وافتح أبواب رحمتك. وقال المزني رحمه الله: من بلغ باب المسجد صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: اللهم اجعلني من أوجه من توجه إليك، وأقرب من تقرب إليك، وأنجح من دعاك وتضرع إليك وأنجح من طلب إليك.
فرع
إذا كان المسجد فارغاً، أو كان فيه من إذا تقام لا يتخطى رقاب الناس، فكلما كان إلى الإمام أقرب كان أفضل، وإن كان في المسجد من تقدمه كرهنا له أن يتخطى رقاب الناس، سواء كان له مجلس عادة يصلي فيه أو لم يكن، وسواء كان الإمام قد ظهر أو لم يظهر. وقال مالك: إذا خرج الإمام كره ذلك وقبل خروجه لا يكره، وقال الأوزاعي: إن كان له موضع راتب لم يكره له التخطي إليه وإلا كره، وهذا غلط [١١٩ أ/ ٣] لما روي أن رجلاً دخل المسجد يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقال له:"اجلس فقد آذيت وآنيت". وروى أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن الذي يتخطى رقاب الناس، ويفرق بين الاثنين يوم الجمعة والإمام يخطب كالجار قصبته في النار". وروي أن الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي جاء يوم الجمعة فأوسعوا له، فأبى أن يجلس وجلس في الشمس فقيل له: أوسعنا لك، فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة والإمام يخطب فكأنما يجر قصبته في النار".
وقال الشافعي رحمه الله: ولأن فيه أذى وسوء أدب فيكره.
فَرْعٌ آخرُ
قال في "الأم": وإن كان دون مدخله زحام وأمام الزحام فرجة، فإن كان تخطيه إلى الفرجة بواحد واثنين رجوت أن يسعه التخطي إليها، لأنه يسير فإن كثر كرهت له ذلك، فإن لم يجد السبيل إلى مصلى يصلي فيه الجمعة إلا بالتخطي وسعه التخطي إن شاء الله؛ لأنه موضع ضرورة.