الفصل
وهذا كمان قال. قال أصحابنا: لم يقل الشافعي: وأحب بل قال ويمر؛ لأنه إذا لم يجز على أحد القولين أن لا يغسله لا يحسن أن يقول واجب, والحكم في الشعر الساقط عن حد الوجه طولًا, والخارج عنه عرضًا نحو الأذنين أنه يستحب أن يقبض الماء عليه, وهل يجب؟ نص في "الأم" على قولين:
أحدهما: يجب وهو التصحيح؛ لأنه شعر نابت على بشرة الوجه فيجب إيصال الماء إليه كالشعر الذي يقابل حد الوجه.
والثاني: لا يجب, وبه قال أبو حنيفة, ومالك, وهو اختيار المزني؛ لأنه شعر ليس تحته بشرة الوجه كالصدغ, ولا خلاف أنه يستحب تخليله ولا يجب غسله.
وذكر الزبيري في كتابه فيه قولان: أحدهما: يجب غسله. والثاني يجب إفاضة الماء عليه وهذا غلط. واحتج المزني على اختياره بأن الشافعي لم يجعل ما سقط عن منابت شعر الرأس من الرأس في حكم الغسل.
قلنا: الرواية من الرأس؛ لأنه لو حضر المحرم من طرف ذؤابته أجزأه عن الحلق, والفرق هاهنا في الطهارة هو أن الرأس [٧٠ أ/ ١] اسم لا ترأس وعلا, وما سقط من الشعر ليس بعال فلا يجوز المسح عليه, والوجه اسم لما يواجه واللحية مما تواجه [٧٠ أ/ ١] بها فوجب غسلها مع البشرة, ولأن الاحتياط معناه في موضعين فلا يجوز المسح هناك احتياطًا, ونوجب إمرار الماء عليه هاهنا احتياطًا.
فرع
قال أصحابنا: المستحب لمن فرغ من الوضوء لأن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله, لما روى عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من توضأ فأحسن وضوءه ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله صادقًا من قلبه فُتح له ثمانية أبواب الجنة, فدخل من أي باب شاء"
وقيل: يرفع بصره إلى السماء ثم يقول هذا, ويصلي ركعتين مقبلًا عليها بقلبه ثم يستغفر الله تعالى عند فراغه, فقد روي في الخبر ذلك. ويستحب أيضًا أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك, لما روى أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من توضأ- وقال هذا- كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة". ويستحب أن يقول أيضًا: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين.