للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلط، لأن المنع منه لئلا تفوته الصلاة وهذا لا يوجد في حق من لا جمعة عليه.

فَرْعٌ آخرُ

قلت: روى عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن البيع والشراء في المسجد، وإن سد فيه ضالة وإن سد فيه سعر"، ونهى عن "الحلق قبل الصلاة يوم الجمعة ". أورده أبو داود والحلق: مفتوحة اللام جماعة الحلقة.

وقال الإمام الخطابي: أخبرني [٦٣٣ ب / ٣] واحد من الصالحين أنه بقي أربعين سنة لا يحلق رأسه قبل صلاة الجمعة ظناً منه أنه نهى عن الحلق قبل الصلاة بسكون اللام حتى قلت له: هذا هو الحلق كأنه كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم والمذاكرة، وأمر أن يشتغل بالصلاةء وينصت للخطبة والذكر، فإذا فرغ منها كان الاجتماع والحلق بعد ذلك فقال: قد فرجت عني ودعا لي.

مسألة: قال: وروي أنه - صلى الله عليه وسلم -: كان إذا خطب اعتمد على عنزته اعتماداً وروي على قوس.

وهذا كما قال: إذا قام الخطيب ليخطب فإنه يستحب له أن يعتمد على عصى أو قوس أو سيف، لما روي عن الحكم بن حزن قال: "وفدت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فشهدنا معه الجمعة، فقام متوكئاً على قوس أو عصى فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات مباركات". وروي أنه كان إذا خطب اعتمد على عنزته والعنزة مثل الحربة، وروي أنه كان في الحضر يعتمد على العنزة، وفي السفر على القوس، ولأن ذلك أعون له على القيام فإن لم يفعل ذلك أي: فإن لم يعتمد على شيء.

قال الشافعي رحمة الله عليه [٦٣٤ أ/ ٣] أحببت له أن يسكن جسده ويديه، فإما أن يضع اليمنى على اليسرى أو يقرهما في موضعهما ويرسلهما، لأنه في ذكر الله تعالى ولا يعبث بهما فتبين أن المعنى في الاعتماد وهو السكون، ثم قال: ويقبل بوجهه، يعني تلقاء وجهه لا يلتفت يميناً وشمالاً وهذا غلط وقد ذكرنا الفرق بينهما وبين الأذان، ثم قال: وأحب أن يرفع صوته وهذا يستحب حتى يسمع كل من في المسجد إن أمكن وإلا رفع بقدر الإمكان لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خطب يرفع صوته كأن منذر جيشء وروي عن أم حارثة بنت هشام قالت: "حفظت سورة ق من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فدل أنها سمعت مع بعدها؛ ولأنه إذا رفع صوته كان أبلغ في الاستماع والوعظ وقال الشافعي رحمه الله: ويكون مترسلاً مبيناً معرباً من غير تمطيط ولا يعي لأن ذلك أحسن وأبلغ في البيان والإفهام والترسل أن يفرق بين كل فصل ولا يعقب أحدهما الآخر ويكون مقوماً معربا من غير لحن، ويكون بين الكلامين دون الوحش

<<  <  ج: ص:  >  >>