للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشتغل، وفرق الروي المسترذل، فإن خير [١٣٤ ب/ ٣] الأمور أوسطها وهو معنى قوله: ولا ما يستنكر منه، وفي بعض النسخ: وما لا يستنكر منه حتى يكلمهم بكلام تقبله طباعهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلموا الناس على قدر عقولهم أتحبون أن يكذب الله ورسوله ".

وروى بعض أصحابنا بخراسان هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: لا تقولوا ما تقصر عنه الأفهام فتكذبوا الله تعالى كذلك، ثم قال الشافعي رحمة الله عليه: ولا العجلة فيه عن الأفهام ولا ترك الإفصاح بالقصد ويكون كلامه حصراً، وهذا لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه الجوامع من الدعاء. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أوتيت جوامع الكلم واختصر لي اختصاراً". وقال عمار بن ياسر رضي الله عنه: امرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بإقصار الخطب"، وروي عن عمار رضي الله عنه أنه خطب وأوجز فقيل له: لو كنت تنفست. قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قصر الخطبة مئنة من فقه الرجل فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة"، وهذا كله للرغبة في الصلاة في أول الوقت.

مسألة: قال: وأقل ما يقع عليه اسم الخطبة [١٣٥ أ/ ٣].

وهذا كما قال: قد ذكرنا أنه لا بد من الخطبتين، وعند أبي حنيفة رحمه الله تكفي كلمة واحدة مثل أن يقول: سبحان الله والحمد لله، ولا يحتاج إلى خطبتين وأقل ما يقع عليه اسم الخطبة من الخطبتين أن يحمد الله تعالى، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويوصي بتقوى الله تعالى ويقرأ شيئاً من القرآن فهذه أربعة أشياء هي واجبة في الأولى، وفي الثانية ويحمد الله تعالى، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويوصي بتقوى الله تعالى، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات فهذه أربعة واجبة في الثانية، هكذا نقل المزني رحمه الله.

والأصل في هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر"، وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "كان يدعو الحمد لله نحمده ونستعينه .... " الخبر، وقال تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: ٤] قيل في التفسير: معناه قرنت ذكرك بذكري حتى لا أذكر إلا ذكرت معي، ولأن المقصود من الخطبة الموعظة فلا بد من الإتيان بما هو مقصود فيها، وأما الوصية كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[١٣٥ ب / ٣] يقول: "ألا إن الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر، ألا وان الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر". وأما قراءة القرآن فلأجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخطب إلا وقرأ فيها القرآن،

<<  <  ج: ص:  >  >>