عليه أنه لا يقرأ لأنه قال: وتأتي الطائفة الأخرى فيصلي بها الإمام الركعة الثانية التي بقيت عليه فيقرأ فيها بعد إتيانهم بأم القرآن وسورة قصيرة، وهذا يدل على أنه لا يقرأ قبل إتيانهم، وقال في "الأم": أن ينظرهم وهو يقرأ ويأخذ سورة طويلة [١٦٩ أ/ ٣] أو يجمع سوراً حتى يقضي من خلفه صلاتهم وتفتتح الطائفة الأخرى ويقرأ بعد افتتاحهم قدر أم القرآن ولو زاد في قراءته ليزيدوا على أم القرآن كان أحب إلي، وهكذا قال في البويطي و"الإملاء"، وهذا النص والذي قبله يدل على أنه يسن للمأموم قراءة السورة.
وكان القفال رحمه الله يقول: لا تسن قراءة السورة خلف الإمام أصلاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كنتم خلفي فلا تقرؤوا إلا بفاتحة الكتاب" فألزم عليه هذا النص فاجتهد في تأويله مما تيسر له، فالصحيح أنه يستحب له في صلاة البرد، الخبر محمول على صلاة الجهر، ذكره الشيخ أبو محمد الجويني رحمه الله ثم اختلف أصحابنا فيما ذكرنا، فمنهم من قال فيه قولان: أحدهما يقرأ. والثاني: لا يقرأ. ومنهم من قال: هو على اختلاف حالين فالذي قال: يقرأ إذا أراد تطويل القراءة والذي قال: لا يقرأ هو إذا أراد بقصر القراءة، والصحيح أنه يقرأ ويطول لأنه يجوز أن يسكت، لأن أفعال الصلاة لا تنفك عن ذكر، ولا يجوز أن يسبح لأنه موضع القراءة لا التسبيح فلم يبق إلا أن [١٦٩ ب/ ٣] يقرأ.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: قول واحد إنه يقرأ، وغلط المزني رحمة الله لأن الشافعي رحمة الله عليه قال: فيقرأ بعد إتيانهم قدر أم القرآن فيسقط عن المزني قدر. وأراد المزني بما نقل هذا، فإذا قلنا: لا يقرأ فإذا جاءت الطائفة الثانية قرأ الفاتحة وسورة قصيرة، وإذا قلنا: يقرأ فعل ما مرح به في "الأم"، فإن خالف وقرأ وحين جاءت الطائفة الثانية وأحرمت خلفه ركع في الحال ركعوا معه وأجزأتهم الصلاة نص عليه في "الأم"، ولكنه ترك سنة صلاة الخوف، فإذا تقرر هذا وجاءت الطائفة الثانية وصلى بهم الركعة الثانية وقعد في التشهد فهل تفارقه هذه الطائفة إذا قعد للتشهد أو عند الفراغ من التشهد قبل التسليم؟ فيه قولان: أحدهما: وهو الأصح المنصوص في "الأم" والبويطي يفارقه إذا قعد للتشهد لأنها تعود إليه لتسلم معه فلا فائدة في التطويل على هذه الطائفة بالجلوس معه وقراءة التشهد وصلاة الخوف مبنية على التخفيف.
والقول الثاني: نص عليه في باب سجود السهو في "الأم" يفارقونه بعد التشهد قبل [١٧٠ أ/ ٣] التسليم لأن المسبوق لا يفارقه الإمام إلا بعد التشهد وهذا غلط، لأن في المسبوق يسلم الإمام وينتظر المسبوق سلامه، وهاهنا لاختلاف أنه لا ينتظر سلامه، وقال مالك رحمه الله مثل قولنا ثم رجع وقال: يسلم الإمام ولا ينتظر فراغ الطائفة الثانية، وإنما تقوم الطائفة الثانية إذا سلم الإمام وهو غلط، لأنه يؤدي إلى ترك التسوية