بين الطائفتين وهو خلاف فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومن أصحابنا من قال: قول واحد: إنها تفارقه إذا قعد للتشهد، وما قال في "الأم": أراد به في صلاة الحضر، فإن الطائفة الثانية تقعد ويتشهد معه لأن موضع التشهد الأول لهذه الطائفة وهذا غير صحيح لأن الشافعي رحمه الله قال: وإذا سها الإمام في الركعة الأولى ثم صلت الطائفة الأخيرة تفارقه إذا سجد للسهو معه، وهذا لا يكون إلا في صلاة السفر فإذا فارقته الطائفة الثانية إذا قعد للتشهد أو عند التسليم قبل السلام فإنها لا تنوي الخروج من صلاته لأنها لا تفارقه ويعود [١٧٠ ب/ ٣] إلى صلاته ويخالف الطائفة الأولى لأنها تفارق الإمام ولا يعود إلى صلاته. فإذا تقرر هذا فإذا قلنا: يفارقه إذا قعد للتشهد فهل يتشهد الإمام قبل رجوع الطائفة الثانية إلى صلاته؟.
اختلف أصحابنا فيه على طريقين: فمنهم من قال: فيه قولان كالقراءة ومنهم من قال: يتشهد قولاً واحداً ويفارق القراءة، لأن تفويت التشهد على الطائفة الثانية لا يوجب تفضيل الطائفة الأولى على الثانية، لأن الأولى لم تأخذ بإزاء التشهد شيئاً آخر، وهذا هو الصحيح لأن القول الذي يقول لا يقرأ إنما أثبتنا من رواية المزني.
وقد فرق المزني بينهما فقال في هذا الموضع: ثم يجلس الإمام قدر ما يعلمهم يشهدوا، ثم يسلم فدل أن الإمام قدم التشهد فلا يجوز إثبات قول آخر، ولم يرد الشافعي رحمه الله أن يجلس ساكناً بل يقرأ التشهد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يطول بذكر الله تعالى والدعاء إلى أن يعلمهم قد تشهدوا على ما ذكرنا، ثم قال الشافعي رحمه الله: وقد صلت الطائفتان مع [١٧١ أ/ ٣] الإمام وأحدث كل واحدة منهما ما أحدث الأخرى، يعني من الاقتداء بالإمام، لأن الأولى صلت معه الركعة الأولى بالتحريم، والأخرى صلت معه الركعة الأخرى بالتسليم، وبقولنا قال أحمد رحمه الله.
وقال ابن أبي ليلى رحمه الله: يحرم بالطائفتين معاً ويصلي بهم على ما ذكرنا، وقال أبو حنيفة رحمه الله: الطائفة إذا صلت مع الإمام ركعة انصرفت وهم في الصلاة ووقعت وجاه العدو، وتأتي الطائفة الأخرى وتصلي مع الإمام ركعة ويسلم الإمام، وينصرف الذين هم في الصلاة إلى مصاف الطائفة الأولى، وترجع الطائفة الأولى إلى موضع صلاتها، ويتمون لأنفسهم بغير قراءة وينصرف إلى مصاف الطائفة الثانية، ويأتي الطائفة الثانية إلى موضع ضلاتها ويتمون الصلاة بالقراءة، لأن الأولى لما أدركوا التحريمة سقطت القراءة عنهم في جميع الصلاة بخلاف الطائفة الثانية، ولأن الطائفة الثانية فارقت الإمام يوم فراغه من الصلاة فلا تسقط عنهم القراءة لهذا، واحتجوا بأن ابن مسعود وابن عمر رضي الله [١٧١ ب/ ٣] عنهما رويا مثل قوله. قالوا: وهذا أولى مما رويتم، لأنكم تجوزون للمأموم أن يفارق الإمام قبل فراغه من الصلاة وهم الطائفة الأولى، ويجوزون للثانية أن تخالفه في الأنفال فيكون جالساً، وهم قيام يصلون، وهذا