غلط؛ لأن خوات بن جبير وسهل بن أبي حثمة رويا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ما روينا يوم ذات الرقاع، وبه نسخ ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما، لأن هذا آخر غزوة غزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأن هذا أشبه بظاهر القرآن، لأن الله تعالى قال:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصلاةَ}[النساء: ١٠٢] فجعل إقامة الصلاة لهم كلها إلا بعضها وقال: {فإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَآئِكُمْ}[النساء: ١٠٢] أي: إذا صلوا كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إذا دخل أحدكم المسجد فليسجد سجدتين" أي: فليركع ركعتين ثم قال: {وَلْتَاتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا}[النساء: ١٠٢] بدليل مفهومه أن هؤلاء قد صلوا، وقال:{فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} فيقتضي تمام الصلاة وعندهم لا يصلون معه إلا بعضها، وقد ذكر الطائفتين ولم يذكر عليهما القضاء فدل [١٧٢ أ/ ٣] على أن كل واحدة منهما قد انصرفت عن كمال الصلاة، وهذا المذهب هو أحوط للصلاة؛ لأن الصلاة تحصل مؤداة على سننها في استقبال القبلة، وعندهم تبع الاستدبار للقبلة ويكثر العمل في الصلاة وفيها احتياط للحرب أيضا حتى يمكن متابعة الضرب والكلام والصياح على قولكم لا يمكن لأنه يكون في الصلاة. وأما الخروج من صلاة الإمام للعذر فجائز وقد ذكرنا.
واختلفوا لما سمي ذات الرقاع فقيل: إن هذه الحرب كانت عند جبل متلون أحمر وأسود وأصفر كرقعة وقعة، وقيل: كانت في شدة الحر وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفاة: رقعوا أقدامهم بالخرق والجلود؛ لئلا تحترق. وقال: أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: كانت في موضع مر به ثمانية نفر حفاة، فثقبت أرجلهم وتساقطت أظفلرهم، وكانوا يلفون عليها الخرق فسميت ذات الرقاع لهذا، وهذه الصلاة التي ذكرناها لا تتم إلا بأربع شرائط:
أن يكونوا مسافرين، وأن يكون خوف العدو على ما ذكرنا، وأن يكون العدو في غير جهة القبلة، وأن [١٥٥ ب/ ٣] يكون بالمسلمين كثرة إذا فرقهم فرقتين كانت كل فرقة تقاوم العدو.
ثم اعلم أنه ليس الفرض أن يؤمهم إمام واحد، لأنه لو صلى إمام بقوم وأمروا واحداً ليصلي بآخرين، أو بعضهم صلى منفردا جاز، ولكن إذا أرادوا أن يصلوا خلف إمام واحد فهذا حكمهم وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يكرهون أن لا يستووا في فضيلة الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلهذا اختار لهم الصلاة هكذا، فإن خالف الإمام ما ذكرنا فصلى بالأولى ركعة وثبت جالساً وفارقته هذه الطائفة تقدمت صلاتها، وأما صلاة الإمام فإنه جلس في موضع قيامه، فإن كان لمرض وضعف جاز، وإن كان قادراً فإن كان ساهياً أو حاملاً فصلاته جائزة، وإن كان عالماً فإن لم يطل جلوسه لا تبطل صلاته، وان طال جلوسه بطلت صلاته ثم إذا جاءت الطائفة الثانية وأحرمت خلفه فصلى بهم الثانية، فمن علم بطلان صلاته فصلاته باطلة، ومن جهل فصلاته صحيحة،