قال الربيع رحمه [١٥٦ أ/ ٣] الله: وفيه قول آخر إذا كان الإمام عالماً بإفساد صلاته بطلت صلاة من خلفه علم به أو لم يعلم. وهذا لا يجيء على قول الشافعي.
قال أبو حامد رحمه الله: وما رأيت واحداً من أصحابنا حكى هذا، وقال القاضي الطبري رحمه الله: هذا قول غريب وفي المسألة قولان.
مسألة: قال: والطائفة ثلاثة فأكثر.
وهذا كما قال المستحب أن يصلي صلاة الخوف إذا كانت الطائفة التي تصلي ثلاثة فأكثر والتي تحرسه ثلاثة فأكثر، فإن صلى بأقل من ذلك أو حرسه أقل من ذلك كرهته. وقال في "الأم": واجب أن يحرسه من يمنع عنه إذا أريد سواء كثر من معه أو قل. والطائفة عند الشافعي لا حد لها، وإنما يعمل في عددها على ما يدل عليه قرينتها، فإن الله تعالى قال:{فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}[التوبة: ١٢٢] وأراد واحداً لأن الله تعالى قال: {مِن كُلِّ فِرْقَةٍ} وفرض طلب العلم يسقط بواحد يطلبه، وقال في قوله تعالى:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢] استحب أربعة لأنه بلغ العدد الذي يثبت به العذاب [١٥٦ ب/ ٣] وقال في قوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}[الحجرات: ٩].
أن المراد به الخلق الكثير؛ لأن الباغية على الإمام لا تكون إلا فئة مجتمعة ممتنعة فلما قال هاهنا:{فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَاخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَآئِكُمْ}[النساء: ١٠٢] كان هذا كفاية الجمع وأقل الجمع ثلاثة، فحمل الشافعي فقال: لم قال الشافعي، وأقل الطائفة ثلاثة على الإطلاق وليس كذلك؟ قلنا: أراد في آية صلاة لخوف بدليل ما ذكرنا، فإذا ثبت هذا فإن كانوا خمسة نفر يصلي واحد منهم باثنين وركعتين تامتين، وإن كان لا تحصل الحراسة باثنتين إذا كانا في وجه العدو، ولو كانت الحرب في شعب أو مضيق فقال: واحد من الشجعان الشجعاء إن أسد هذا الشعب لكم فاشتغلوا أنتم بالصلاة فإنه يكره ذلك ذكره القفال.
مسألة: قال: وإن كانت صلاة المغرب.
الفصل
وهذا كما قال. الصلاة على ضربين صلاة بقصر وحكمها على ما تقدم، وصلاة لا تقصر وهي الصبح والمغرب، فالصبح حكمها على ما ذكرنا. وأما المغرب فحكمها في الحضر والسفر واحد، ولا يمكن الإمام أن يسوي [١٥٧ أ/ ٣] بين الطائفتين، فيها فلا بد من تفضيل إحداهما.
فنقل المزني رحمه الله أنه يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، وبالثانية ركعة، وهكذا قال في "الأم"، ثم قال: فإن صلى بالطائفة الأولى ركعة ثم بالثانية وركعتين أجزأه إن شاء الله، وأكره له ذلك.