وقال ابن خيران رحمه الله قولاً آخر في "الإملاء": أنه يستحب أن يصلي بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين وهو قول علي رضي الله عنه وقد فعل مثل هذا ليلة الهرير.
واختلف أصحابنا في هذا؛ فمنهم من قال: فيه قولان أحدهما: ما نقل المزني وهو الأصح، لأن الطائفة الأولى هي أولى بالتفضيل لأنها أسبق ولا بد من تفضيل إحداهما ولأن تخصيص الأولى بالركعتين لا يؤدي إلى تغيير نظام صلاة الطائفتين، ولو خص الطائفة الثانية يؤدي إلى تغيير نظام صلاة هذه الطائفة، لأنها تحتاج حينئذ إلى القعود مع الإمام في الركعة الأولى: لأنها ثانية الإمام فيزيد في صلاتهم تشهد ومبني صلاة الخوف على التجوز والتخفيف. والثاني: ما ذكر في "الإملاء"؛ لأن الطائفة الثانية تفضل [١٥٧ ب/ ٣] على الأولى في غير المغرب بالتشهد فينبغي أن يفضل في المغرب أيضاً، ومن أصحابنا من قال: قول واحد وهو ما ذكره المزني، وأنكر قول "الإملاء" لما ذكرنا من المعنيين. فإذا تقرر هذا، فإذا قلنا بقول "الإملاء" فلا تفريع لأنها تفارقه إذا قام إلى الثانية كما في غير صلاة المغرب، وإذا قلنا بالمذهب فإذا صلى بالأولى ركعتين يفارقون الإمام إذا فرغ من التشهد قولاً واحداً: لأنه التشهد الأول للكل، وهل الأفضل أن يثبت الإمام جالساً حتى تجيء الطائفة الثانية أو يقوم وينتظر في حال القيام؟ نص عليه في "الأم"، وهو المذهب.
والثاني: ينتظر في حال، الجلوس، لأن الشافعي رحمه الله قال هاهنا: إن انتظرهم قائماً فيحسن وإن انتظرهم جالساً فجائز، وإنما استحسن الشافعي انتظارهم قائماً وخوف انتظارهم جالساً في الثانية، لأن القيام هو محل القراءة والتطويل بخلاف الجلوس؛ ولأن القيام أفضل من الجلوس، ولأن في انتظاره جالساً تحوجه عند إتيان الطائفة الثانية إلى الانتقال عن الحالة التي هو فيها إلى القيام بخلاف انتظاره قائماً في الثالثة. ومن [١٥٨ أ/ ٣] أصحابنا من قال: الأفضل ما ذكره في "الأم". وقد قال في صلاة الخوف في الحضر: انتظرهم جالسا وقائماً، وهذا على ما قيد من قبل، وهو أنه إن انتظرهم جالساً فجائز وإن انتظرهم قائماً فحسن، ولأن ظاهر قوله يقتضي التسوية ولا يقتضي أن الانتظار في الجلوس أفضل فإذا قلنا: ينتظرهم قائماً فإذا جاز أحرموا معه، وإذا قلنا: ينتظر جالساً فإذا جاز قام وكبر، ويكبرهم ثم متى يفارقونه بعد التشهد أو عقب السجود قبل التشهد؟ على ما ذكرنا من الطريقين فإذا صلوا الركعتين اللتين بقيتا عليه جلسوا للتشهد، وهل يتشهد بعد فراغهم من الركعتين أو قبل ذلك يتشهد ويطول الدعاء؟ طريقان على ما ذكرنا. وعندي أنه لا تجيء الطريقة الأخرى أنه يتشهد قبل مجيئهم قولاً واحداً؛ لأنه يؤدي هاهنا إلى تفويت فضيلة على الثانية أدركتها الطائفة الأولى، فإن الإمام يتشهد بالطائفة الأولى، فإذا قلنا بقول "الإملاء" فصلى بالأولى ركعة وثبت قائماً حتى أتموا لأنفسهم، ثم جاءت الطائفة الثانية فصلى بهم ما