بقي من صلاته وهي ركعتان يفارقونه بعد التشهد [١٥٨ ب/ ٣] قولاً واحداً، لأنه تشهده الأخير وتشهدهم الأول، ثم يصلون الركعة الباقية عليهم، فإذا جلسوا صبر الإمام لم حتى يتشهدوا ثم يسلم بهم.
مسألة: قال: وإن كانت صلاة حضر فلينتظر جالساً في الثانية.
الفصل
وهذا كما قال: صلاة الخوف تجوز في الحضر كما تجوز في السفر، وقال مالك رحمه الله: فيما حكى عنه أصحابنا: أنه لا يجوز في الحضر وأصحابه ينكرون هذا، والدليل على جوازها ظاهر الآية:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصلاةَ}[النساء: ١٠٢] الآية. ولم يفصل. فإن قيل في هذه الآية: ذكر ركعتين وهذه صلاة السفر قلنا: قد تكون في الحضر ركعتين كصلاة الصبح والجمعة، فإن قيل: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصلها إلا في السفر، قلنا: النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتفق له الخوف في الحضر لأنها وردت بعد الخندق. فإن قيل: في السفر انتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الركعة يصلونها، وفي الحضر يحتاج إلى الانتظار لركعتين فيطول، قلنا: جاز الانتظار لموضع الحاجة فإذا دعت الحاجة إلى أكثر من ذلك جاز، وهذا لأن سببه الخوف [١٥٩ أ/ ٣] والضرورة وهو موجود في الحضر وجوده في السفر.
فإذا تقرر هذا فالمستحب أن يجعل أصحابه طائفتين، فيصلي بهم بالطائفة الأولي ركعتين، ثم تقوم هذه الطائفة وتصلي ما بقي عليها، والمستحب أن ينتظر الإمام قائماً في الثالثة على الصحيح من القولين، وإنما لم يذكر الشافعي استحسان انتظاره قائماً في الثالثة هاهنا اقتصاراً على ما ذكر في صلاة المغرب، ولا شك أنه يجوز الانتظار قائماً وقاعداً والطائفة الثانية هاهنا يفارقونه بعد تشهده قولاً واحداً، لأن هذا التشهد هو محسوب لهم من الأول، وهكذا الحكم لو كانوا في السفر واختاروا الإتمام في الخوف، فإن خالف هذا الذي ذكرنا وجعل أصحابه أربع طوائف، وصلى بكل طائفة ركعة مثل إن كان المسلمون أربعمائة وكان المشركون ستمائة، فصلى بالمائة ركعة من الأربعة، وثبت قائناً حتى أتمت المائة صلاتها، وانتظر المائة الأخرى فصلى بها ركعة أخرى، وثبت جالساً وأتمت المائة لنفسها، وانتظر الثالثة أيضاً حتى أتمت صلاتها وانتظر الرابعة فصلى بها ركعة وثبت جالساً، وانتظرهم [١٥٩ ب/ ٣] حتى صلوا ما بقي عليهم من صلاتهم ثم سلم بهم فحصل في هذا أربع ركعات، وأربع انتظارات لأنه انتظر الثانية، والثالثة مرة مرة، وانتظر الرابعة في موضعين انتظرهما حتى جاءت وأحرمت خلفه، ثم انتظرها حتى صلت ما عليها ولحقت به، ثم سلم بهم، فإذا فعل هذا فقد أساء، وما الحكم في صلاتهم؟.
قال في "الأم": ونقله المزني رحمه الله إلى هاهنا فيه قولان: أحدهما: أن صلاته