والثاني: أن صلاته للإمام باطلة، وصلاة الطائفة الأولى والثانية جائزة، ومن علم من الطائفة الثالثة والرابعة ببطلان صلاة الإمام فصلاته باطلة، ومن لم يعلم ذلك فصلاته صحيحة. وقال في "الإملاء": صلاة الإمام صحيحة وصلاة الطائفة الرابعة صحيحة وصلاة الطائفة الأولى والثانية والثالثة باطلة، وترتيب هده المسألة أن يقول: فيها ثلاثة أقوال: أحدها: أن صلاة الإمام وجميع المأموين جائزة وهو الأصح، لأنه إن انتظر في حال القيام فليس فيه أكثر من تطويل القراءة، وإن انتظر في حال القعود فليس فيه أكثر من تطويل التشهد والذكر [١٦٠ أ/ ٣] وهذا لا يبطل الصلاة في حال الأمن، ققي حال الخوف أولى وأكثر ما في المأموم أنه خرج من صلاة الإمام من غير عذر، والأصح من القولين فيه أنه لا تبطل الصلاة. والثاني: أن صلاة الإمام باطلة لأنه انتظر أكثر مما جعل له، ولأنه إنما جعل له أن ينتظر انتظارين، وصلاة الطائفة الأولى والثانية جائزة لأنهما فارقتا الإمام قبل بطلان صلاته. وأما صلاة الطائفة الثالثة والرابعة، فإن علمتا ببطلان صلاة الإمام بطلت صلاتهما، وإن لم تعلما لم تبطل.
ومن أصحابنا من قال: هاهنا: إذا علم أن الإمام زاد في الانتظار بطلت صلاته، وإن لم يعلم أنه تبطل به صلاة الإمام كما إذا علم جنابة الإمام بطلت صلاته، وهذا هو ظاهر كلام الشافعي رحمه الله، لأنه قال: وتفسد صلاة من علم من الباقين بما صنع، والأول أصح لأنه لا تبطل صلاته إلا أن يعلم أن ذلك مبطل لصلاة الإمام؛ لأنه مما يخفى على العوام بخلاف الجنابة. وحكى أبو إسحاق عن ابن سريج أنه قال: إذا قلنا: بهذا القول الثاني يجب أن تبطل صلاة الطائفة الرابعة وحدها مع صلاة الإمام، [١٦٠ ب/ ٣] تبطل صلاة الطائفة الأولى والثانية والثالثة، لأنه انتظر الثانية وكان له ثم انتظر الثالثة، وكان له، فلما انتظر الرابعة بطلت صلاته وفارقته الطائفة الأولى والثانية والثالثة قبل بطلان صلاته، فوجب أن تكون صلاته صحيحة.
وقال سائر أصحابنا: هذا غير صحيح، لأنه إذا انتظر حتى تفرغ الطائفة الثانية من الركعتين فإن انتظاره بعد ذلك حتى تمضي هذه الطائفة إلى وجه العدو وتجيء الطائفة الثالثة إليه انتظاراً زائداً على ما جعل إليه، فكان بمنزلة ابتداء الانتظار فبطلت صلاته قبل مجيء الطائفة الثالثة فبطل ما قاله.
وأصل هذا الاختلاف: أن في وقت بطلان صلاة الإمام وجهين. قال ابن سريج: تبطل بالانتظار لفراغ الثالثة، وعلى مذهب الشافعي تبطل بانتظاره لمجيء الطائفة الثالثة. والقول الثالث: ما قاله في "الإملاء": وهو أن صلاة الطائفة الأولى والثانية والثالثة باطلة، لأنهم خرجوا من صلاة الإمام من غير عذر، وصلاة الإمام جائزة لأنه لم يفعل أكثر من تطويل القراءة، والذكر في القيام والجلوس وذلك لا يبطل الصلاة والطائفة [١٦١ أ/ ٣] الرابعة خرجت من صلاة الإمام في موضعه لأنه لم يبق على الإمام إلا ركعة فلا تبطل صلاتهم، وان اخترت ترتيب الحفظ نقل في صلاة الطوائف ثلاثة