لو صلى بالطائفة الأولى ركعة، وبالثانية ثلاث ركعات فعلى قياس قوله في "الأم": يسجد سجدتي السهو وكذلك تسجد الطائفة الأخيرة وتكون صلاتهم صحيحة، وعلى قياس قوله في "الإملاء": تبطل صلاة الطائفة الأولى لأنها خرجت من صلاة الإمام في غير موضعه فبطلت صلاته، ولا يجيء هذا القول في المسألة التي قبلها، لأن الطائفة الأولى خرجت من صلاة الإمام وقد استباحت الخروج من صلاته؛ لأنها استباحت الخروج حين صلى الإمام ركعتين فكان ائتمامها بالإمام في الركعة الثالثة لا يرفع تلك الاستباحة فلم تبطل صلاتها. فإذا تقرر هذا، اختلف ألفاظ نسخ المختصر، ففي هذه المسألة نفى بعضها، لأن له انتظاراً واحداً بعده آخر، وفي نسخة أخرى [١٦٢ ب/ ٣] لأن له انتظارين واحداً بعد واحد وهذا قريب من الأول، وفي نسخة لأن له انتظار واحد بعد أخرى وهذا دليل على ما قلنا: إنه إذا طول الإمام جلوسه لمجيء الثالثة بطلت صلاته لأن استدامة الانتظار هي كابتداء الانتظار.
مسألة: قال: وأحب للمصلي أن يأخذ سلاحه في الصلاة ما لم يكن نجسا أو يمنعه من الصلاة.
وهذا كما قال هذا الذي نقله المزني رحمه الله ذكره الشافعي رحمه الله في "الأم"، وقال في أثناء الباب: ولا أجيز له وضع السلاح كله؛ وقال في آخر الباب: وإن وضع سلاحه كله من غير مرض ولا مطر كرهت له، ولم يفسد ذلك صلاته لأن معصيته في ترك أخذ السلاح ليس من الصلاة، وهذا يدل على أن حمل السلاح في الصلاة واجب؛ لأنه جعل تركه معصية، واختلف أصحابنا فيه؛ فقال أبو إسحاق وغيره: المسألة على قولين:
أحدهما: واجب لأن الله تعالى أمر به في الآية في موضعين فقال: {وَلْيَاخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}[النساء: ١٠٢] وقال: {وَلْيَاخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}[النساء: ١٠٢] وبه قال داود رحمه الله.
والثاني: لا يجب ولكنه يستحب وبه قال أبو حنيفة وأحمد رحمهما [١٦٣ أ/ ٣] الله أنه إنما يجب على من يحرس العدو والمصلي ليس بحارس، ولأنه لو كان واجباً فيها لكان شرطاً كالسترة، والآية محمولة على الاستحباب، ومنهم من قال: هذا على اختلاف حالين بالموضع الذي قال: يجب السلاح الذي يدفع به عن نفسه كالسكين والسيف، والذي قال: لا يجب إذا كان السلاح مما يدفع به عن غيره كالرمح والقوس ونحو ذلك، وهذا أشبه بكلام الشافعي في "الأم"، وهذا لأن الدفع عن نفسه هو واجب وعن غيره لا يجب، ومن أصحابنا من قال: قول واحد إنه واجب لأمر الله، والذي قال: أحب لأنها في الوجوب، لأن الشافعي رحمه الله كثيرا ما يعبر