بالاستحباب عن الوجوب، وكما لا يجوز أن ينهزم ويترك الحرب لا يجوز أن يضع السلاح. ذكره القفال رحمه الله.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: قول واحد إنه يستحب وما قاله في "الأم" في آخر الباب متأول على تأكيد الاستحباب، وهذا ليس بشيء، فإذا قلنا: المسألة على اختلاف الحالين فالسلاح على خمسة أضرب: ما يحرم حمله، وما يكره حمله، وما يجب حمله، وما يستحب حمله، وما [١٦٣ ب/ ٣][١٧٢ ب/ ٣] اختلف حكمه باختلاف مكان حامله بالحرام هو ما كان نجساً كالريش الذي في النشاب فإنه ريش النسور والعقاب ونحو ذلك، وذلك نجس وكذلك ما يمنعه من الاعتدال في الركوع والسجود يحرم حمله، والمكروه ما كان ثقيلاً يشغله عن الصلاة كالجوشن والمغفر السابغ على الوجه. أو كان ذا أنف، وإنما كرهت لبسه لئلا يحول بينه وبين موضع إكمال السجود بأن لبسه.
قال الشافعي: إذا سجد وضعه أو حرفه أو حسره حتى تماس جبهته الأرض متمكناً قال في "الأم": وكذلك الجعبة والتنور والترس فالجعبة هي غلاف النشاب والتنور: هو الجوشن الثقيل والواجب ما يدفع به عن نفسه كالسيف والسكين، والمستحب ما يدفع به عن نفسه وعن غيره كالقوس ونحوها، وما اختلف حكمه باختلاف المكان هو ما يتأذى به جاره كالرمح إن كان في حاشية الناس لم يكره له حمله، وإن كان في أثناء الصف كره له حمله فإنه يؤذي عند اضطجاعه من بين يديه ومن خلفه، وإذا قلنا المسألة على قولين: فالسلاح على أربعة أضرب: محرم، ومكروه، وما [١٧٣ أ/ ٣] اختلف باختلاف المكان، وما اختلف القول فيه وهو ما يدفع عن نفسه أو عن نفسه وعن غيره.
فرع
قال في "الأم": ولو كان معه نشاب قد أحمي فسقي لبناً أو سم بسم شجر فصلى فيه لا بأس؛ لأنه ليس من الأنجاس وان سم بسم حية أو ودك ميتة فصلى فيه أعاد الصلاة إلا أن يطهره.
فَرْعٌ آخرُ
لو سمت الحديدة ثم أحميت بالنار ولا يطهر شيء إلا بالماء خلافاً لأبي حنيفة، ولو كان نجساً يغسله بدهن لئلا يصدأ الحديد أو مسحه بتراب لم يطهر.
فرع
قال في "الأم": لو أحمي ثم صب عليه سم نجس أو نجس فيه فقيل: قد شربته الحديدة ثم غسلت بالماء طهرت، لأن الطهارات كلها إنما جعلت على ما يظهر لا على الأجواف.