قال في "الأم": يقرأ الإمام بأم القرآن وسورة قدر {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} ونحوها في الطول للتخفيف في الخوف. ونقل السلاح، ولو قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وقدر ذلك لم أكره، وإذا قام في الركعة الثانية قرأ بأم القرآن وسورة طويلة لانتظار القوم وليس في الصلاة موضع تكون القراءة في الركعة الثانية [١٧٦ أ/ ٣] أطول منها في الركعة الأولى إلا في هذه المسألة.
فَرْعٌ آخرُ
قال في "الأم": ويقنت في صلاة الصبح في صلاة الخوف ولا يقنت في غيرها، لأنه لم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت في صلاة الخوف خلاف قنوته في غيرها، فإن فعل فجائز؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قنت في الصلوات قبل قتل أهل بئر معونة. قلت: من هاهنا أقول: يجوز أن يقنت في الوتر في جميع السنة وان لم يستحب.
قال في "الأم": لو صلى الإمام بطائفة ركعة وثبت قائماً وقاموا يتمون لأنفسهم فحمل عليهم عدو وحدث لهم خوف فحملوا على العدو منحرفين عن القبلة ثم أمنوا فقد قطعوا صلاتهم، وكذلك لو فرغوا فانحرفوا عن القبلة بلا قتال ولا خروج من الصلاة. وهم ذاكرون الصلاة حين استدبروا القبلة استأنفوا. قال أصحابنا: هذا لأنهم انحرفوا عن القبلة من غير ضرورة؛ لأن الذين في وجه العدو يحرسونهم وإنما لحقهم خوف لا يجوز ترك القبلة لأجله؛ لأنهم لو صاروا إلى شدة الخوف لوجب أن يجوز [١٧٦ ب/ ٣] لهم ترك القبلة، وبنوا على ما مضى من صلاتهم؛ لأن في هذه الحالة لما جاز الاستفتاح إلى غير القبلة جاز الانتقال إليها والبناء عليها، كالمصلي إذا مرض قعد وبنى.
فَرْعٌ آخرُ
قال: ولو حملوا عليهم مواجهين القبلة قدر خطوة فأكثر، كان ذلك قطعاً للصلاة بنية القتال وعمل الخطوة.
قال أصحابنا: وهذا، لأن من نوى في الصلاة أن يعمل عملاً كثيراً وعمل شيئاً معه، وان قلَّ بطلت الصلاة.
وعلى هذا لو نوى في الصلاة أن يمشي كثيراً ومشى خطوة بطلت صلاته، وكذلك لو حمل العدو عليهم فتهيأوا بسلاح أو بترس كان قطعاً للصلاة بالنية مع العمل، وهكذا لو أخذ السلاح بنية دفع العدو بطلت صلاتهم لما ذكرنا من التعليل ولا فرق بين أخذ السلاح بنية القتال وبين الحمل عليهم.
فَرْعٌ آخرُ
قال: ولو حمل عليهم وخافوا فبنوا القنوت في الصلاة، وأن لا يقاتلوا حتى يكملوها