وهم في صلاتهم لا يقطعونها وداروا معهم أين داروا، لأن ترك القبلة جائز في صلاة شدة الخوف، وإن صلى صلاة شدة الخوف، ثم أمكنه أن يصلي صلاة الخوف الأدنى بنى على صلاة شدة الخوف، ولم يجزه إلا أن يصلي صلاة الخوف الأدنى، كما إذا صلى قاعداً ثم أمكنه القيام لم يجزه إلا القيام.
فَرْعٌ آخرُ
قال: إذا صلوا صلاة شدة الخوف غير مستقبلي القبلة جاز لبعضهم أن يأتم بالبعض، وإن كان الإمام متوجهاً إلى جهة والمأمومون متوجهين إلى جهة أخرى أو كان وجه الإمام في وجه المأموم، لأن المأموم يعتقد أن إمامه في صلاة صحيحة كما قلنا في الجماعة [١٨٤ أ/ ٣] حول البيت خلف المقام.
فَرْعٌ آخرُ
لو سقط عن دابته أو هبت ريح فأسقطته في الحرب عن القبلة أو الجهة التي كان متوجهاً إليها، انحرف إليها إلى القبلة في الحال على حسب الإمكان وأجزأته الصلاة؟ لأن انحرافه كان بغير اختياره.
فَرْعٌ آخرُ
قال: ولا بأس أن يصلي الرجل في الخوف ممسكاً عنان دابته؛ لأنه عمل يسير فإن نازعته فجبذها إليه جذبة أو اثنتين أو ثلاثة أو نحو ذلك، وهو غير منحرف عن القبلة فلا بأس، وإن كثرت مجاذبته وهو غير منحرف عن القبلة قطع صلاته وعليه استئنافها وهذا صحيح، وقد جعل الشافعي رحمه الله جبذ الدابة ثلاث مرات ههنا من العمل اليسير، وقد قلنا: إن ثلاث ضربات عمل كثير والفرق أن الضرب والطعن أكثر من الجبذ لأنه يحط السيف ويرفعه ويرسل الرمح للطعن ويجذبه وليس كذلك جبذه لعنان دابته. فإنه لا يحتاج أن يعمل فيه أكثر من الجبذ فكان ذلك أخف وأسهل من ذلك وهذا يدل على أن الاعتبار بكثرة العمل لا بالعدد.
فَرْعٌ آخرُ
قال: وإن جبذته فانصرف وجهه عن [١٨٤ ب/ ٣] القبلة فأقبل مكانه على القبلة لم يقطع صلاته، لأن انصراف وجهه عن القبلة حصل بغير اختياره، فإذا رجع إليها في أول حال الإمكان أجزأته صلاته، وان طال انحرافه ولا يمكنه الرجوع إليها انتقضت صلاته؛ لأنه يقدر على أن يدعها يعني ينزل عنها أو يتوجه إلى القبلة، فإذا لم يفعل ترك القبلة باختياره فبطلت صلاته.
فَرْعٌ آخرُ
قال: وإن ذهبت دابته فلا بأس بأن يتبعها، فإذا تبعها على القبلة شيئاً يسيراً لم تفسد