صلاته، وإن اتبعها كثيراً فسدت صلاته، وإن تبعها لا إلى القبلة قليلاً أو كثيراً بطلت صلاته.
مسألة: قال: لو رأوا سواداً مقبلاً فظنوه عدواً فصلوا صلاة شدة الخوف.
الفصل
وهذا كما قال: إذا رأوا سواداً فظنوه عدواً وخافوا أن يظهر بهم فصلوا صلاة شدة الخوف بالإيماء، ثم بان لهم أنه لم يكن عدواً، وإنما كان إبلاً أو شجراً أو إظلالاً أو وحشاً، نقل المزني رحمه الله عن "الأم": أن عليه الإعادة ونقل عن "الإملاء": أنه لا إعادة.
قال أصحابنا: هذا سهو منه، لأن الشافعي نص في "الإملاء" على وجوب الإعادة أيضا، وإنما [١٨٥ أ/ ٣] سها عن مسألة قالها الشافعي في "الإملاء": وهي أنه لو أخرهم ثقة أن ذلك السواد عدو فلا إعادة، فنص في خبر الثقة أنه لا إعادة، ونص فيما ظنوه عدواً فصلوا أن عليهم الإعادة، فقال أصحابنا: كل واحدة من المسألتين على قولين لأنه لا فرق أن يصلوا برؤية العين، أو يخبر من يصدقونه. أحدهما: يلزم الإعادة وبه قال أبو حنيفة، واختاره المزني، لأن سبب جواز هذه الصلاة وجود الخوف من العدو ولم يوجد العدو هاهنا، وقيل: لم يذهب المزني رحمه الله إلى لزوم الإعادة، لأن عنده كل من صلى بالعذر لا إعادة عليه، ولكنه قال: الأشبه بقوله: يعني بمذهب الشافعي رحمه الله لزوم الإعادة. والثاني: لا يلزم الإعادة وهذا هو اختيار أبي إسحاق، وقال: هذا أقوى القولين؛ لأن الاعتبار بوجود الخوف دون تحقيق المخوف منه، ألا ترى أنه لو كان المشركون بإزائهم وظنوا أنهم يكرون عليهم فصلوا صلاة شدة الخوف، ثم بان أنهم يكونوا هموا بذلك فإنه تجزيهم الصلاة، وإن لم يتحقق المخوف منه، وكذلك لو شاهدوا العدو فصلوا صلاة شدة [١٨٥ ب/ ٣] الخوف، ثم بان أنهم كانوا على المصالحة والمشاركة لا يلزم الإعادة قولا واحداً، لا الخوف متحقق.
ومن أصحابنا من قال: تجب الإعادة فيما ظنوه بأنفسهم ولا تجب في خبر الثقة على ما نص عليه، والفرق أن الاعتماد على خبر الثقة أقوى من الاعتماد على الظن والتخمين فحصل التفريط هاهنا. ومن أصحابنا من قال: في خبر الثقة قولان، وفي الظن يجب قولاً واحداً.
فرع
لو كان هذا في بلد الإسلام فظنوه عدواً فصلوا صلاة شدة الخوف، ثم بان خلافه.
قال في "الحاوي": لا نص فيه وقال أصحابنا: يلزمهم الإعادة قولاً واحداً، لأن ظنهم في أرض العدو أقوى من ظنهم في بلاد الإسلام.