ظفر, فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة.
وروي عن بعض أصحابنا بخراسان أن رجلاً صلى وعلى ظهر قدمه لمعة قدر درهم لم تصبها الماء, فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعادة الوضوء والصلاة.
وقال في "الجديد": لا يبطلها وهو الصحيح وبه قال أبو حنيفة, والثوري, والحسن, والنخعي, وعطاء, وطاووس, وسعيد بن المسيب -رضي الله عنهم-. وهذا لأن كل عبارة جاز تفريق النية على أبغاضها جاز تفريق أبغاضها كالزكاة. واحتج الشافعي- رحمة الله- على هذا بابن عمر- رضي الله عنهما- وذلك أنه توضأ فدعي إلى جنازة, فقام بعد مسح رأسه وهو لابس خفيه حتى أتى المصلى, ثم دعا بماء فمسح على خفيه, ثم صلى على الجنازة قال الشافعي: وما بين سوق المدينة والمصلي مسفة يجف أعضاء الطهارة في أدنى منها. ولم ينكر عليه (٧٧ أ/ ١) أحد.
فإذا تقرر هذا فحد التفريق الكثير أن يجف العضو الذي غسله مع اعتدال الهواء والحال, كان اشتد الجر والريح فسارع الجفاف. وإن كثر البرد والمطر تباطأ الجفاف فلا يعتبر ذلك, والاعتبار في ذلك بين كل عضو لا بأول الطهارة وآخرها. فإذا غسل وجهه
ويديه, ثم مسح برأسه قبل أن يجف الماء على يديه جاز, وإن جف الماء على وجهه. وقيل: فيه قولان: أحدهما: هذا. والثاني: يعتبر فيه عرف, فإذا حصل زمانًا طويلاً خرج عن العرف في طاهرات الناس صار مفرطًا.
واختلف أسحابنا في محل القولين, فمنهم من قال: القولان إذا لم يكن عذر, فإن كان عذرًا مثل نفاذ الماء وطلبه ثانيًا أو انكسار الكوز, أو انقلاب الماء, أو الهرب من ظالم لا تبطل طهارته قولاً واحدًا, وهذا هو اختيار القفال, وبه قال مالك, والليث.
وقيل: إنه نص في "الأم" على هذا الفرق, وأومئ في "الأم" إليه. وهذا لأنه جوز في الصلاة التفريق بعذر سبق الحدث في قوله القديم, فالطهارة أولى. ومن أصحابنا من قال: لا فرق بينهما.
فرع
إذا جوزنا التفريق هل يلزمه تجديد النية؟ فيه وجهان: أحدهما: يلزمه, لأن النية الأولى انقطعت وبطل حكمها, ولأن النية تراد لتمييز العادة من العبادة, وإذا طال الفصل لا يتميز إلا بالنية. وهذا اختيار أبي حامد.
والثاني: لا يلزمه ذلك, وهو الأظهر, واختاره (٧٧ ب/ ١) القاضي الطبري, لأنه لم يقطع حكم النية الأولى, ولأن التفريق إذا كان لم يقطع حجك النية كنا في الحج.
فرع آخر
التفريق في التيمم كحكمه في الوضوء. وقال صاحب "الحاوي": قال جمهور أصحابنا: التفريق الكبير يبطل التيمم قولاً واحدًا والفرق بينه وبين الوضوء, أن تعجيل التيمم للصلاة هو مستحق, فإنه لا يجوز قبل دخول وقت الصلاة وتعجيل الوضوء غير