للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أن الله تعالى ينطقها فتشهد بذلك، والثاني: أنه تشهد له سكان الأرض والبقاع من الجن والإنس لقوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ والأَرْضُ} " الدخان: ٢٩" يعني: سكان الأرض، وقيل: كان يفعل ذلك للتسوية بين السؤال في الدين، فسأله أهل هذا الطريق وأهل ذلك الطريق الآخر، وقيل: كان يفنى ما معه من الصدقة ويكره أن يسأل فلا يعطى فيفر منهم إلى الطريق الآخر؛ وقيل: إنما يفعل ذلك لمغايظة المنافقين إذا رأوا زينته وعلامته في كلا الطريقين، وقيل: كان يفعل ذلك مخافة المنافقين كما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد سفرا وي بغيره. فإذا تقرر هذا قال أبو إسحاق: إذا عقلنا معنى ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجوعه من طريق أخرى، وكان ذلك متعودا في زماننا مثل شرف البقاع ومغايظة المنافقين فإنه معدوم في زماننا رجع كيف شاء ولا يسن ذلك، وإن كان المعنى موجود في زماننا فالسنة الاقتداء به والإمام والمأموم في هذا سواء. وقال ابن أبي هريرة: بل يرجع من بعده من أمته من طريق أخرى بكل حال كما كان يصنع رسول الله "٢٢١ أ/٣" - صلى الله عليه وسلم - وهو المنصوص، لأنه إذا فعل شيئا صار شرعا وإن زال المعنى كالدمل والاضطجاع. وقال أبو حنيفة: لا معنى لذلك.

مسألة: قال: وإذا كان العذر من مطر أو غيره أمرته أن يصلي في المساجد.

لم يرد به أن أهل بلد يتفرقون في مساجدهم، بل أراد أن أهل كل بلد يصلون في مسجدهم الأعظم وفيه قول آخر: يجوز أن يتفرقوا في المساجد، ولكن الأولى أن يصلوا جماعة في مسجد واحد، ثم قال: ولا أرى بأسا أن يأمر الإمام من يصلي بضعفة الناس في موضع من المصر، وأراد بالضعفة: الشيوخ والزمناء والمرضى الذين لا يمكنهم قطع المسافة إلى المصلى، وقد ذكرنا ذلك.

مسألة: قال: ومن جاء والإمام يخطب جلس.

الفصل

وهذا كما قال: يستحب للناس استماع الخطبة، وإذا جاؤوا والإمام يخطب يوم العيد فإن كان في الصحراء يجلس ويسمع الخطبة، لأنه لا تكون ركعتا التحية في الصحراء فإن قيل: هلا قلتم يشتغل بقضاء صلاة العيد؟ قلنا: لأن صلاة العيد لا يخاف فوتها فإن وقتها واسع وسماع الخطبة يفوت، فكان الاشتغال بسماعها أولى "٢٢١ ب/٣"، ثم إذا فرغ الإمام من الخطبة إن شاء صلى صلاة العيد في مكانه، وإن شاء صلاها في بيته، فإن الصلاة إذا فاتت مع الإمام فليس لبعض المواضع مزية على بعض وإن الإمام يصلي صلاة العيد في الجامع، فجاء رجل وقد فرغ من الصلاة وهو في الخطبة، فالمستحب أن يصلي ركعتين، ويخالف المسجد المصلى في الصحراء، لأن في

<<  <  ج: ص:  >  >>