وهذا كما قال: أول وقت صلاة العيد إذا طلعت الشمس إلى أن تزول، فإذا طلعت فقد دخل وقتها، فإن صلوا عقيب الطلوع أجزاتهم الصلاة نص عليه، وقال: ولكن المستحب أن يتوقفوا حتى ترتفع الشمس قيد رمح، وتحل النوافل التي لا أسباب لها، وهذا كما يقول في العصر: إنه يفوت آخر وقتها بغروب الشمس، ولكنا نستحب له أن "٢٢٨ ب/٣" لا يؤخرها إلى اصفرار الشمس. ذكره القاضي الطبري وسئر أصحابنا أطلقوا بأن أول وقتها حين تبرز الشمس على ما ذكرنا، وليس هذا النص عند أصحابنا بخراسان، والصحيح ذاك، ولا اعتبار بالوقت المنهي عن الصلاة، لأن هذه نافلة لها سبب ظاهر. فإذا تقرر هذا فلو شهد شاهدان بأن الهلال كان بالأمس أي رأينا الهلال الأمس وهذا اليوم يوم عيد، فإن كان قبل زوال الشمس صلى بالناس وكان ذلك أداء وإن كان بعد زوال الشمس.
قال الشافعي في كتاب العيدين: لم يصلوا لأنه عمل في وقت، فإذا جاوزه لم يعمل في غيره كعرفة، وقال في كتاب الصيام: وأحب إذا ذكر فيه شيء، وإن لم يكن ثابتا أن يعمل من الغدو بعد الغدو وأراد به إذا روي فيه خبر، وهو أن ركبا قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الثلاثين من رمضان فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر الناس بالفطر في هذا اليوم، وأن يصلوا صلاة العيد من الغد، إلا أن هذا ليس بثابت، فكذلك قال: وأحب إذا ذكر فيه شيء وإن لم يكن ثابتا أن يعمل من الغدو بعد الغد فحصل قولان:
أحدهما: لا يقضي وبه "٢٢٩ أ/٣" قال مالك وأبو نور وداود، واختاره المزني وحكى الطحاوي عن ابن أبي عمران عن أبي حنيفة أنها لا تقضي، وقال أبو يوسف ومحمد: يقضي صلاة عيد الفطر في اليوم الثاني، ويقضي صلاة عيد الأضحى في اليوم الثاني والثالث. وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: مذهبه أنها تقضى، ووجه هذا القول: أن هذه صلاة شرع لها الاجتماع والخطبة، فلا يقضي بعد فوات وقتها كصلاة الجمعة والخسوف، وقال المزني: لو قضيت في عدد قومها لقضيت في يومها وكان أولى فإن قلتم: إن ضحى غد يشبه ضحى اليوم وما بعد الزوال لا يشبه الضحى، قلنا: فيجب أن يقولوا: يقضي هذا في ضحى غد بعد شهر.
والقول الثاني: يقضي، وبه قال الأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق، قال أبو سليمان الخطابي: وهذا أصح والخبر فيه صحيح أورده أبو داود والسنة أولى بالاتباع، ولأنها صلاة أصل مؤقتة فلا تسقط بفوات الوقت كالفريضة ولا يلزم الجمعة، لأنها مقصورة من الظهر وليست كالجمعة لأنها معدولة بها عن الظهر بشرائط، فإذا