فاتت واحد منها رجع إلى الأصل وليست كالخسوف " ٢٢٩ ب/٣" لأنها تتعلق بعارض فإذا زال سقطت، واما قول المزني لا يلزمنا لأن الشافعي قال: يقضي، من الغد إذا لم يمكن اجتماع الناس في بقية اليوم.
وقد قال أصحابنا: إن كان البلد صغيرا يجتمع الناس في بقية اليوم من غير مشقة جمع الناس وصلى بهم، وكذلك إن كانوا في قرية أو حصن، وذكر القفال أن الشافعي نص عليه في كتاب الصيام وأنه قال: هذا أولى من تأخيرها إلى الغد، وإن لم يمكن جمعهم لتفرقهم في حوائجهم، فإن صلى بمن أمكنه جاز ولكنه أساء إلى ذلك؛ لأنه كان ينبغي أن لا يبدأ دون سائر المسلمين؛ لأن القصد منه الاجتماع وإظهار السرور لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استحب تأخير الظهر لاجتماع الناس إلى الصلاة فهاهنا أولى.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: هل يقضي في مثل وقته من الغد كالوقوف بعرفة؟ يقضي في الجملة ولكن في مثل وقته من القابل يوم النحر، وبه قال أحمد وأبو حنيفة في رواية وهذا ضعيف، والأصل ما ذكرنا. وأما القضاء بعد الغد فاعلم أن الشافعي قال: يقضون من الغد وبعد الغد، وذكر الداركي عن "٣٣٠ أ/٣" بعض أصحابنا أنه يقضي أبدا ولا يكون القضاء مؤقتا، ويتصور ذلك عند اشتغال الإمام بالحرب حتى يتأخر إلى شهر وشهرين، وهذا خلاف ظاهر المذهب، والمعنى في الغد أن ذلك الوقت قد يكون وقت العيد إذا خرج شهر رمضان ثلاثين يوما، وهذا لا يوجد فيما بعده والقياس ما حكاه الداركي.
فرع
لو شهدا برؤية الهلال يوم الحادي والثلاثين قبل الزوال، أو ليلة الحادي أنهم رأوه ليلة الثلاثين. قال أبو إسحاق: يصلي الإمام بالناس يوم الحادي والثلاثين قبل الزوال، ويكون أداء قولا واحدا لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون، وعرفتكم يوم تعرفون"، وهم لم يفطروا بالأمس وإنما يفطرون من الغد، فوجب أن يكون ذلك يوم فطرهم. قال القفال: ولا يسمع هذه الشهادة، لأنه لا فائدة فيها.
فرع
لو شهد شاهدان بالنهار وعدلا باليل: قال أصحابنا: الصلاة من الغد تكون فرضا وهل يقضي؟ قولان: على ما ذكرنا، وهذا لأن الاعتبار وقت الشهادرة دون التعديل "٣٣٠ ب/٣" ألا ترى أنه لو مات الشاهدان قبل أن يعدلا، ثم عدلا حكم الحاكم بشهادتهما وكذلك لو شهدا قبل الزوال وعدلا بعده، او عدلا في اليوم الحادي والثلاثين فإنها تفعل بعد ذلك قضاء على القولين.