للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا عدلا من الغد بعد طلوع الشمس وهو اليوم الحادي والثلاثون يصلي الإمام بهم بلا خلاف وهو غير صحيح.

فَرْعٌ آخرُ

إذا اجتمع عيد وجمعة، قال في "الأم": صلى الإمام صلاة العيد حين تحل الصلاة، ثم أذن لمن حضر من غير أهل المصر أن ينصرفوا إن شاؤوا إلى أهليهم ولا يعودون للجمعة والاختيار لهم أن يقيموا حتى يجمعوا فإن لم يفعلوا فلا حرج عليهم إن شاء الله، ولا يجوز هذا لأحد من أهل المصر، واحتج بما روى عثمان بن عفان رضي الله عنه خطب فقال: "قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع فليرجع فقد أديت له" ولم ينكر عليه منكر، واختلف أصحابنا في هذا، فمنهم من قال: لا يجب على أهل السواد في هذا اليوم صلاة الجمعة بكل حال، بدليل ها "٢٣١ أ/٣" الأثر عن عثمان رضي الله عنه، والمعنى فيه أنهم لو قعدوا في البلد لم يتهنوا بالعيد، وإن خرجوا ورجعوا كان عليهم في ذلك مشقة ظاهرة، والجمعة تسقط بالمشقة دون هذا من الأعذار مثل المطر ونحوه، وهذا ظاهر كلام الشافعي رحمه الله.

ومن أصحابنا من قال: أراد الشافعي بما ذكر أهل السواد الذين هم في موضع يبلغهم النداء من البلد، فإنه تجب عليهم الجمعة، لأن كل من لزمهم الجمعة في غير يوم العيد لزمه في يوم العيد كأهل البلد، وهذا ضعيف وقد ذكرنا فيما قبل أن مذهب ابن الزبير وابن عباس وعطاء رضي الله عنهم أنهم قالوا: تسقط صلاة الجمعة في هذا اليوم عن الكل.

وحكى عن ابن الزبير أنه صلى العيد وترك الجمعة، فعابه بعض بني أمية، فقال ابن الزبير: هكذا كان عمر بن الخطار يصنع. وبلغ ابن عباس فقال: أصاب السنة وروى أبو عبد الرحمن السلمي أنه اجتمع عيدان في يوم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وصلى صلاة العيد وخطب وقال: أيها الناس إنه اجتمع عيدان في يوم "٢٣١ ب/٣" فمن أراد أن يشهد الجمعة فليشهد ومن أراد أن ينصرف فلينصرف"، وهذا غلط لقوله تعالى: {إذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ} "الجمعة: ٩" ولم يفصل ولأن الجمعة هي من فرائض الأعيان فلا يسقط بصلاة العيد التي هي نفل في قول، وفي قول هي فرض على الكفاية.

وأما خبر أبي هريرة فمحمول على أهل السواد ولهذا قال: من أراد أن يشهد الجمع لأن أهل المصر يشهدونها، وقد بينه عثمان بن عفان رضي الله عنه فخص أهل العالية بالذكر، وقيل أهل العوالي: هم على ثلاثة أضرب:

منهم من يلزمهم الجمعة بأنفسهم وهو أن يكونوا أربعين في قرية فحكمهم في هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>