واحتج أيضا بأثرين: أحدهما: عن ابن عباس رضي الله عنه أنه صلى في كسوف القمر ركعتين في كل ركعة ركعتين، ثم ركب يعني ركب البعير فخطب إذ لم يكن هناك منبر فقال: أي قال في خطبته إنما صليت بكم "٢٣٦ ب/٣" كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، يعني صليت بكم في خسوف القمر كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في خسوف الشمس؛ لأنه لم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى في خسوف القمر.
والثاني: ما حكاه بلاغا فقال: وبلغنا أن عثمان رضي الله عنه صلى في كل ركعة ركعتين يعني ركوعين وقيامين، فغن قيل: فقد روى جابر أنه قام ثلاث قيامات، وروى خمس قيامات، وروى ثمانية قيامات، وروى أنه ركع ركعتين في عشر ركعات، وأربع سجدات. قلنا: أجمعنا على ترك هذه الروايات ولم يحصل الإجماع في ترك ما رويناه، أو يقول، قال بعض أصحابنا: شبه أنه صلاها مرات وكرات فكانت إذا طالت مدة الكسوف مد في صلاته وزاد في عدد الركوع وإذا قصرت نقص من ذلك، فيصلي على حسب الحال ومقدار الحاجة.
ومن أصحابنا من قال: لا يزيد على ما ذكرنا وهو الظاهر، وبه قال ابن عباس ولم يصح ما رووا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن صح فقد نسخ"، واحتجوا بما روى النعمان بن بشير قال: "خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ركعتين، وروى "٢٣٧ أ/٣" أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا رأيتموها فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة"، قلنا: نحمله على الجواز أو نحمله على أنه صلى ركعتين عددا، وإن كان في كل ركعة قيامان وركوعان.
وقال أبو إسحاق: قال بعض أصحابنا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركع ركوعا واحدا ليدل على الجواز، فالسنة والأولى أن يركع ركوعين في طويل الخسوف وقصره وقال بعض أصحابنا: ركع ركوعا واحدا لقصر الخسوف، فالسنة في طويل الخسوف ركوعان وفي قصره ركوع واحد. وقال ابن سريج: كل ذلك من الاختلاف المباح وليس بعضه بأولى من بعض. واعلم أن هذا التطويل غير واجب، فإن زاد على هذا أو نقص منه واقتصر على الفاتحة أجزأه والمستحب أن يطول على حسب امتداد الخسوف حتى إن قصر الخسوف قصر الصلاة أيضا.
فرع
قال: لو ترك أم القرآن في ركعة من صلاة الخسوف لم يعيد تلك الركعة، بل يصلي ركعة أخرى ويسجد للسهو كما يقول في سائر الصلوات.
فَرْعٌ آخرُ
لو أدرك الإمام في هذه الصلاة، وقد رفع رأسه من الركوع الأول، فإنه يكبر خلفه