وهذا كما قال: جملته أنه إذا اجتمع في يوم واحد صلوات بدأ بالأهم، فإذا اجتمع خسوف وعيد واستسقاء وجنازة بدأ بالأهم وهو صلاة الجنازة، لانها من فرائض الكفايات، وتتعلق بحرمة الميت مع حق الله تعالى، ثم نقل المزني أن الشافعي قال: فإن لم يكن حضر الإمام أمر من يقوم بها وبدأ بالخسوف وتداخل المزني بالنقل والشافعي لم يقل هكذا، بل قال في "الأم": فإن لم يكن حضرت: يعني: الجنازة ولكنها تنتظر فالإمام يأمر جماعة لينتظروها ويقوموا بها إذا حضرت ويبدأ الإمام مع الآخرين بصلاة الخسوف، وإن كانت صلاة العيد آكد منها، لأنه يخاف فوتها بالتجلي، ولا يخاف فوت العيد، ثم إذا فرغ من صلاة الخسوف، وقد صلى أولئك على الجنازة بذلك وإلا هو صلى عليها إن كانت حضرت ثم "٢٤٠ أ/٣" قال الشافعي: وتركها، أي: لا يتبعها حتى تدفن ويشتغل بصلاة العيد وقيل: ما نقل المزني صحيح أيضا، ومعناه: فإن لم يرد الإمام أن يصلي على الجنازة أولا يريد حضورها بل من يصلي عليها وبدأ الخسوف، وقيل: معناه فإن لم يكن حضر الإمام يعني إمام الجنازة وهو الولي، لأنه أولى فتترك جماعة ليصلوا مع الولي إذا حضر، وهذا ضعيف بعيد.
وقال الشافعي في كتاب العيدين: إذا انكسفت الشمس يوم الجمعة ووافق ذلك يوم الفطر بدأ بصلاة العيد، ثم بصلاة الخسوف إن لم تنجل قبل الدخول في صلاة الكسوف، قال أصحابنا: ليست المسألة على قولين: بل هي على اختلاف الحالين، فالذي قال في العيدين: إنه إذا خاف صلاة العيد فيبدأ بصلاة العيد، لأن فواته متحقق وفوات الكسوف غير متحقق والذي قال هاهنا: إذا كان في وقت صلاة العيد سعة لا يخاف فوتها، ثم إذا فرغ منها بدأ بصلاة العيد وقدمها على صلاة الاستسقاء، لأنه لا يخاف فوتها ومجئ المطر ليس مما يسرع، وإذا جاء المطر لا يفوت الصلاة لأنا "٢٤٠ ب/٣" نقول: يستحب الصلاة بعد للشكر ولهذا قال الشافعي: يؤمر الناس قبل الاستسقاء يصوم ثلاثة أيام، ثم إذا فرغ منها فإن أمكنه أن يصلي صلاة الاستسقاء في ذلك اليوم، ولم تشق على الناس صلاها، وإن شق على الناس أخرها إلى الغد ثم صلاها.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا اجتمع عيد وخسوف صلى أيهما شاء، وهذا ليس بشيء، واعترض ابن داود قوم ممن يتعاطون علم النجوم فقالوا: إنه يستحيل اجتماع الخسوف والعيد، لأن خسوف الشمس لا يكون في العادة إلا في الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين من الشهر، وخسوف القمر لا يكون إلا في ليلة الرابع