الأولى بسورة ق وفي الركعة الثانية بسورة اقتربت، ومن أصحابنا من قال: يقرأ في الثانية سورة نوح لأنها بالحال أشبه كما في صلاة الجمعة الأول أولى لما روى ابن عباس رضي الله عنه عنه قال: "صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الاستسقاء ما صنع في صلاة عيد الفطر والأضحى"، ويجهر فيها بالقراءة ويصلون قبل الخطبة وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد، وهي أشهر الروايتين عن أحمد، وروى ذلك عمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب، ومكحول رضي الله عنهم.
وقال الزهري والأوزاعي وأبو حنيفة: لا يصلي الاستسقاء والصلاة فيه بدعة، وربما يقول أبو حنيفة وأصحابه: إنها لا تكون بدعة ولا سنة، وحكي عن مالك أنه يصلي ركعتين بلا [٢٥٠ ب/٣] تكبير زائد وهي رواية عن أحمد.
وقال الليث بن سعد: يخطب قبل الصلاة، ويروى هذا عن ابن الزبير وكذلك عن عمر بن عبد العزيز، وهذا غلط لما روي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يصلون صلاة الاستسقاء يكبرون فيها سبعا وخمساً. وروي أنهم كانوا يخطبون بعد الصلاة ويقيس على صلاة العيد ووقت هذه الصلاة وقت صلاة العيدين ولا يزال وقتها قائماً ما لم يصل العصر، فإذا صليت العصر، ظاهر كلامه في "الأم" أنها لا تفعل لأنه قال فيه: لو صلاها بغير طهارة أعاد في يومه بعد الظهر وقبل العصر، وليست كصلاة العيد التي يفوت وقتها بزوال الشمس، وهذا لأن وقتها موسع لا يخاف فوتها فلا يجوز أن يقصدها في الأوقات المنهية.
مسألة قال: ثم يخطب الخطبة الأولى ثم يجلس ثم يقوم فيخطب يقصر الخطبة الأخرى.
الفصل
وهذا كما قال: الكلام الآن في صفة الخطبة، وجملته أنه يستحب أن يخرج المنبر إلى الصحراء ليخطب عليه، وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي [٢٥١ أ/٣]- صلى الله عليه وسلم - أخرج المنبر للاستسقاء ولم يرو عنه أنه أخرج المنبر في العيد ولكنه خطب على بعيره، وقيل: لا يستحب ذلك في العيد، وقال الشافعي: فإن لم يخرج المنبر ولكنه خطب على حائط أو ربوة جاز؛ لأن الغرض أن يكون عالياً ليبلغ خطبته، فإذا صعد سلم وجلس كما قلنا في خطبة العيد، ولا تختلف هذه الخطبة وخطبة العيد، إلا أنه يستحب أن يدعو في هذه الخطبة الأولى لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنه عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان إذا استسقى قال اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً غدقاً مجللاً عاماً ماسحاً دائماً، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إن بالعباد والبلاد والخلق من