والثاني: وهو الأصح لا يمنعون لأن الشافعي، قال: وإن خرجوا متميزين لم أمنعهم، والذي قال في " الأم": إنما أكره إخراج من خالف الإسلام وهاهنا لا يخرجهم، بل هم خرجوا بانفسهم. وقال الشافعي: لا أكره إخراج صبيان أهل الذمة ما أكره من رجالهم، لأن غير البالغ لم يعاند ولم يعتقد، بل هو تابع.
وأما خروج نساء أهل الذمة كخروج رجالهم إن خالطن المسلمين منعن وإلا فلا كما قلنا في الرجال.
وقال مكحول: لا بأس بإخراج أهل الذمة مع المسلمين، وقال إسحاق: لا نأمرهم بالخروج ولا ننهاهم، وقال الأوزاعي: كتب يزيد بن عبد الملك إلى عماله بإخراج أهل الذمة للاستسقاء فلم يعب عليهم أحد في زمانه. واحتجوا بأن الله تعالى ضمن أرزاقهم كما ضمن أرزاق المؤمنين وهذا غلط؛ لأن الكفار أعداء "٢٤٩ ب/٣" الله تعالى فلا يحتاج إلى دعائهم وشفاعتهم فلا يخرجهم ولا يمنعهم.
مسألة: قال: ويأمر الإمام الناس قبل ذلك أن يصوموا ثلاثا.
الفصل
وهذا كما قال: إذا أراد الإمام الخروج للاستسقاء يستحب له أن يتقدم إلى الناس، بان يصوموا قبله ثلاثة أيام متتابعة، وأن يتقربوا إلى الله تعالى بأداء ما يلزمهم من المظالم من دم أو مال أو عرض؛ لأن القحط عقوبة المظالم.
قال عبد الله بن مسعود:"إذا بخس المكيال، حبس القطر" ويأمر بالصلح مع المتشاحن والمهاجر وبالتطوع وبالتصدق والصلاة والذكر وغيرها من البر، والأصل فيها ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"الصدقة تطفئ غضب الرب والدعاء يرد البلاء"، وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم والمريض والمظلوم"، ثم يأمرهم أن يخرجوا في اليوم الرابع صياما نص عليه في "الأك"؛ لأنا إذا استحببنا لهم أن يقدموا الصيام فالأولى يوم المسألى والدعاء. فإن قيل: أليس يستحب الفطر يوم عرفة ليتوفروا على الدعاء فقولوا: مثله هاهنا قلنا: هناك الغالب هناك "٢٥٠ أ/٣" السفر الطويل وأقلهم سفرا من يخرج من مكة، فإذا كان صائما ضعف عن الدعاء وهاهنا لا يوجد هذا المعنى.
قال: ويخرج بهم إلى أوسع ما يجد يعني من الصحراء، وينادي الصلاة جامعة ثم يصلي بهم ركعتين كما يصلي في العيدين، ويقرأ فيهما ما يقرأ في العيدين في الركعة