باب الغار وخرجوا". فيستحب مثل هذا في الشدائد ورفح الحوائج إلى الله تعالى.
مسألة: قال: فإن سقاهم الله تعالى وإلا عادوا من الغد للصلاة والاستسقاء.
وهذا كما قال: إذا خرجوا للاستسقاء فلم تستجب دعوتهم يستحب أن يعودوا. وقال في "الأم": أحببت أن يعودوا ثم يعودوا حتى تمطر، وليس استحبابهم بعودة الثانية بعد الأولى لا الثالثة بعد الثانية كاستحباب الأولى لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستسق إلا مرة واحدة، وهذا لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يحب الملحين في الدعاء"، وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سأل أحدكم ربه فليعزم المسألة ولا يقل إن شئت فإن الله لا يكره له" وقال في "البويطي": يخرج ثلاثاً نسقاً وقال "في القديم": وأحب كلما أرادوا العود إلى الاستسقاء أن يأمر الناس أن يصوموا قبل عوده ثلاثاً، فإذا استسقى موالياً أجزأه إن شاء الله.
واختلف أصحابنا في هذا فقال ابن القطان: في المسألة قولان: وليس في الاستسقاء مسألة على قولين إلا هذه، وقال بعض أصحابنا: تقديم صوم [٢٥٦ ب/٣] الثلاثة على كل مرة مستحب، ولكنه في المرة الأولى آكد ويجوز متوالياً وهذا أصح، ومن أصحابنا من قال: هو على اختلاف حالين، فالذي قال: يخرج من الغد هو إذا كان لا شغل لهم ولا ينقطعون عن معاشهم كأهل الرساتيق وإلا كره، والذي قال: يخرج بعد ثلاث هو إذا كان لهم أشغال ينقطعون عنها بذلك فيتركون حتى يتوفر قضاء أشغالهم، ثم يخرجون في اليوم الرابع.
مسألة: قال: وإن كانت ناحية جدبة والأخرى خصبةً.
الفصل
هو كما قال. يستحب أن يستسقي أهل الناحية الخصبة لأهل الناحية الجدبة ولجماعة المسلمين، ويسألوا الله تعالى الزيادة لأنفسهم، ويكتب الإمام إلى من يقوم بأمر المجدبين في الاستسقاء لهم، فإن لم يفعل أحببت أن يستسقي رجل من بين أظهرهم، وهذا لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أرجى الدعاء دعاء الأخ عن ظهر الغيب"، وقال تعالى:{والَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ}[الحشر:١٠]. فأثنى عليهم بدعائهم للغير.