أن يترك الظهر فلا يقتل حتى تغيب الشمس، وفي ترك صلاة المغرب لا يقتل حتى يطلع الفجر، ويجب قتله إذا لم يقض، وإن كان يصلي الصلاة الأخرى في وقتها، لأنه تركها عمداً بلا عذر بخلاف من تركها ناسياً، أو عذر، ويصلي بعد ذلك ولا يقضي تلك فلا يقتل لأنه قضاء في ذمته، ولم يحصل منه قصد في ترك الأداء وهو اختيار القفال. وهذا كله هو خلاف النص؛ لأن الشافعي قال، يقال لمن ترك الصلاة حتى خرج وقتها ولم يعتبر التكرار ولا خروج وقت العذر والضرورة لا يضيق وقت الصلاة الثانية، فمذهب الشافعي أنه إذا تضيق وقتها لما بيناه بفعلها، فإن فعل وإلا قلنا له: إن أخرتها عن وقتها قتلناك فيستوجب القتل بإخراجها عن وقتها كما يستوجب القتل بالخروج من الإيمان، وفعل القتل والزنا لا يعتبر تضيق وقت الصلاة الثانية، وهذا هو اختيار صاحب "الإفصاح" وابن أبي هريرة [٢٦٤ ب/ ٣].
فإن قيل: إذا قتلتموه قبل أن يتضيق وقت الصلاة الثانية لا يخلو إما أن يكون قتله للأولى أو للثانية لا يجوز أن يكون للأولى، لأنها صارت فائتة وصارت في ذمته ولا يجوز قتله لترك الفائتة، ولا يجوز أن يكون للثانية، لأنه قد وسع له في تأخيرها إلى أخر الوقت، قلنا: نحن نقتله لامتناعه عن فعلها في وقتها فإذا خرج وقتها استوجبه القتل كما يستوجب بالكفر، فإن قيل: هذا خلاف قول الشافعي؛ لأنه قال: يقال لمن ترك الصلاة حتى خرج وقتها بلا عذر وأنتم تقولون ذلك إذا تضيق وقتها ولم يقل حتى خرج وقتها، فدل أنه أراد إذا تركها حتى يضيق وقتها فقال له: هذا عمل لم يعمله غيرك، فإن صليت وإلا استتبناك فإن تبت وإلا قتلناك، وقد غلط بعض أصحابنا، فقال ظاهر "المختصر": إنه يقتل بالفائتة ولا خلاف أن لا يقتل بالفائتة، وإنما قال: يقتل بالصلاة الواحدة إذا تضيق وقتها على ما ذكرنا أو بالصلاة الرابعة عند [٢٦٥ أ/٣] تضيق وقتها عند الاصطخري أو بالصلاة الثانية إذا تضيق وقتها عند أبي إسحاق، لأنه يعلم به تحقيق عزمه على الترك. فإذا تقرر هذا، فإنه يستتاب قبل القتل، لأنه ليس بأشد من الردة، وهناك يستتاب، وهل يتأتى به ثلاثة أيام؟ قولان:
أحدهما: يتأنى به ثلاثة أيام نص عليه في البويطي، فقال: وان استنيب ثلاثا كان حسناً ولم يستحسن ذلك في "الأم" فحصل قولان وكذا القولان في استتابة المرتد ثلاثاً واختار المزني للشافعي أنه لا يتأنى به ثلاثاً؛ لأن مذهبه أنه لا يقتل تارك الصلاة على ما ذكرنا، واحتج بالمرتد، وفي المرتد نص على قولين أيضاً فلا معنى لهذا. ومن أصحابنا من قال: إذا قلنا: يمهل المرتد فهذا أولى، وإن قلنا: إنه لا يمهل المرتد فهل يمهل تارك الصلاة؟ قولان تغليظاً للردة، ثم إذا أردنا قتله المنصوص في "البويطي" أنه تضرب رقبته؛ لأنه شبهه بالمرتد. وقال ابن سريج: لا يزال يضرب وينخس بشيء فيه حديد حتى يصلي، أو يأتي الضرب عليه، كما إذا قصد دم غيره أو ماله فإن المقصود أن يدفعه عن نفسه ولا يقصد قتله فإن لم [٢٦٥ ب/ ٣] يمتنع حتى إذا أتى الدفع إليه لم يلزمه ضمانة كذلك هاهنا وهذا خلاف النص.