للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى، والدليل على هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يحشر الناس حفاة عراة"، وقيل: الحسن، فيجوز أن يكون البعث مع الثياب والحشر مع العري والحفا.

فَرْعٌ آخرُ

قال أصحابنا: لا يستحب للرجل أن يعد كفنه في حياته لئلا يحاسب عليه، وعندي أنه يستحب ذلك ليعرف خلوه عن الشبهة.

مسألة: قال: ويجمر بالعود حتى يعبق بها.

وهذا كما قال: يبخر الكفن بالعود قبل أن يدرج فيه، لأن عادة الحي أنه إذا لبس ثيابا جدداً بنحوها، ولأنه وبما يظهر من الميت رائحة كريهة فتخفيها رائحة العود، فإذا ثبت هذا نجعل الأكفان على مشجب أوعود ثلاث خشبات أو قصبات رؤوسهن مثقوبة مشدودة بخيط ويلف عليها هذه الأثواب، ويوضع [٢٩٣ أ / ٣] المجمر تحتها حتى يعبق بها رائحته. وروى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جمرتم الميت فجمروه ثلاثاً" ويكون البخور عوداً.

قال في "القديم": يبخر بالعود غير المطري دائماً قال: هكذا لأنه ربما تطرى بالخمر، فإن كان مطرا وهو الذي عليه أخلاط العنبر والمسك فلا بأس، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان يتطيب بالمسك"، وقال: "المسك خير الطيب"، وروى أبو سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن المسك فقال: "هو من أطيب طيبكم"، وبه قال أحمد وإسحاق، وقيل: إنما منع من المطري لأن المطري يكون من المسك والعنبر ولا يستحب ذلك، لأنه حار يحمى لحم الميت فيسرع إليه الفساد، ولأن ابن عمر رضي الله عنه كره المسك أن يستعمل في الميت، فاستحب الشافعي الخروج من الخلاف.

مسألة: قال: ثم يبسط أحسنها.

الفصل

وهذا كما قال. السنة أن يبسط على الأرض أوسعها وأحسنها، ويذر عليه الحنوط ثم يبسط الذي عليه ويذر عليه الحنوط، ثم يحمل الميت مستوياً مسجى بثوب، فيوضع فوق الأثواب مستلقياً ويكون ما يفضل [٢٩٣ ب / ٣] من الأثواب من جانب الرجلين أقل مما يفصل منها من جانب رأسه، وهذا لأن عادة الحي أن يظهر أحسن الثياب، ويجعل الدون تحته وعادة الحي أن ما على رأسه يكون أكثر مما على رجليه وقيل: ظاهر ما نقله المزني يقتضي أن لا يذر الحنوط على الثالث؛ لأنه قال: يذر فيما بينهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>