وأصحابنا لا يختلقون أنه يذر عليه لأنه أولى بذلك فإنه يلي الميت وربما ظهرت من الميت نجاسة في حال تحريكه فهو غلط.
وقيل: قوى، ويذر فيما بينها وقرى فيما بينها فعلى القراءة الأولى الآن على ما ذكرنا وعلى القراءة الثانية أراد إذا قل الحنوط يذر فيما بينهما يعني الميت والريطة التي تليه.
مسألة: قال: ثم يأخذ شيئاً من قطن منزوع الحب فيجعل فيه الحنوط.
الفصل
وهذا كما قال: إذا تركه على الكفن مستلقياً مستوراً، فأول ما يصنع به أن يأخذ شيئاً من القطن منزوع الحب فيجعل فيه الحنوط والكافور، ثم يدخله بين إليتيه إدخالاً بليغاً ويكره أن يكثر من ذلك القطن ليرد شيئاً إن جاء منه عند تحريكه ويشد عليه، أي: فوق ذلك خرقة مشقوقة [٢٩٤ أ / ٣] الطرفين تأخذ إليتيه وعانته، ثم يشد عليه، ثم يشد التبان الواسع والتبان مثل السراويل له حزة وليس له بايكه، أو يقول: ليس له كمان، وقيل: يشد عليه بالخيط ولا يحتاج إلى شق طرفيها.
قال المزني: لا أحب ما قال من إبلاغ الحشو لأن في ذلك قبحاً يتناول به حرمته، ولكن يجعل كالنورة من القطن ما بين إليتيه وشفره قطن تحتها تضم إلى إليتيه، ويكون الشداد فوق ذلك كالتبان يشد عليه فهذا أحسن في كرامته عن انتهاك حرمته، قال أصحابنا: لم يرد الشافعي بهذا إلا بلاغ ما توهمه المزني من مجازة المثوبة ولكن أراد المبالغة في إلصاقه بذلك الموضع كما فسره واختاره فغلط في هذا الوهم ولا نعرف هذا الذي ذكره الشافعي، وما زاد على مراد الشافعي إلا سفرة قطن ونحن لا ننكر هذه الزيادة لو فعل، والدليل على أن مراده هذا لا يتوهم أنه قال: ليرد شيئاً إن خرج منه فلو كان إبلاغاً في الحشو لقال: ليمنع أن يخرج منه شيء، وقد بين في "الأم" فقال: إدخالا بليغاً يبلغ به [٢٩٤ ب / ٣] الحلقة.
وقال فيه أيضا: فإن خيف أن يخرج منه شيء لعلة كانت به أو حدث حادث منه أو كان مبطوناً أدخلوا بينه وبين كفنه لبداً ثم شدوه عليه، أو ثوباً صفيقا أقرب الثياب باللبد شبها وشدوه عليه خياطة، فإن تركوا ذلك تركوا الاحتياط، وأرجو أن تجزيهم.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: ليس كما قال أصحابنا، لأنه نص وصرح بإبلاغ الحشو وهذا وإن كان عند المزني مستقبحاً فإن المصلحة بأجمعها فيه؛ لأن القطنة بين الإليتين إذا لم يكن في إدخالها إبلاغ لم تكن دافعة للخارج، فربما يخرج خارج فيجب استئناف غسله وربما يتسارع التغيير إلى جثته، وحكي عن المزني أنه قال: يشق طرفيها وتشد في وسطه، وهذا لا يحتاج إليه في الميت، وإنما ذكره الشافعي في المستحاضة؛ لأنها تمشي وتتصرف في حوائجها فتحتاج إلى ذلك لئلا يبخل بخلاف الميت.
مسألة: قال: ثم يأخذ قطناً فيضع عليه الحنوط والكافور فيضعه على فيه ومنخريه وعينيه وأذنيه.